
تختتم اليوم أعمال النسخة التاسعة عشرة من مهرجان الشارقة للشعر العربي، بعد سبعة أيام من النشاطات المكثفة؛ ألقى فيها أربعة وأربعون شاعرا، وثمانية نقاد، فضلا عن الإلقاءات الشعرية في السهرات الفنية الماتعة التي صاحبت ليالي المهرجان، وعن جهود أكثر من أربعة وعشرين إعلاميا، أشرفوا على تقديم الجلسات، وعلى إعداد النشرات اليومية التوثيقية التي صاحبت فعاليات المهرجان.
ومع صعوبة الكتابة عن مثل هذه الأعراس الثقافية التي يتواشج فيها الإبداع والتنظير، وتتعانق الخطط والتنفيذ فقد وجدتني مدفوعا إلى تسجيل هذه الملاحظات العجلى عن هذا الحدث الكبير:
الملاحظة الأولى: مع أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله ورعاه دأب على حضور الجلسة الافتتاحية لهذا المهرجان، وتكريم شعراء الدورة؛ إلا أن مشاركته هذه السنة كانت دالة على مزيد من عنايته بالشعر والشعراء.
وقد تمثل ذلك في متابعته الشخصية مجلة "القوافي" كل شهر، وقراءتها قراءة فحص وتمحيص، واختيار نص من نصوصها، فاستحداث جائزة شعرية باسم "جائزة القوافي"، يستفيد منها أكثر من اثني عشر شاعرا.
ولأن سموه لم يعلن عن هذا الإجراء إلا في الأيام الأخيرة قبيل انطلاق المهرجان فقد كان صنيعه هذا تشجيعا وتزكية لجهود دائرة الثقافة في السهر على هذه المجلة، وفي انتظام دوريتها، والعناية بمحتواها؛ فضلا عن إسهامه مستقبلا في تطوير هذه المجلة، وعناية الشعراء والنقاد بالنشر فيها.
الملاحظة الثانية: في النسخة الماضية كانت الجوائز اثنتين، يستفيد منهما خمسة فائزين، وفي هذه النسخة أضحت الجوائز ثلاثا؛ يستفيد منها ثمانية عشر فائزا.. وهذا يعكس العناية الكبيرة التي توليها إمارة الشارقة للشعر خصوصا والثقافة العربية عموما.
الملاحظة الثالثة: كانت النصوص الشعرية التي استمعت إليها جميلة، وكانت أشعار الشباب والنساء مبرزة تفتق ثمار مبادرة صاحب السمو إنشاء بيوت الشعر العربي، وتشجيعه الشعراء والنقاد.
لقد استمعت إلى نصوص جديدة معنى ومبنى؛ سمتها الرئيسة تكسير الحواجز الوهمية بين الأجناس والفنون؛ مع الاحتفاظ للشعر بخصوصيته: الإيقاع الآسر، والصورة الخيالية التي لا تنقاد إلا للمبدعين.
الملاحظة الرابعة: ماذا يمكن أن نقول عن تنظيم حدث - يشارك فيه أكثر من ١٣٠ شخصا من دول المعمورة كلها؛ يعيشون معا هذه الفترة الطويلة، فتتآلف القلوب، وتتدانى الرؤى، في عمليات حوارية متباينة الأعمار والأجناس والجنسيات؛ يجمعهم جميعا الاهتمام بالشعر إبداعا أو نقدا، والحرص على العناية بالأداة الرئيسة للكتابة: اللغة العربية- سوى شكر الجهة القائمة على تنظيمه، وأعني دائرة الثقافة بحكومة الشارقة برئاسة سعادة عبد الله محمد سالم لعويس على هذا الجهد الكبير الذي أوقدت به الشارقة باقة جديدة؛ تنضاف إلى سجل المآثر التي تطبعها في ذاكرة الزمن وفاء للإنسان الذي لا يمكن تصوره إلا باستحضار اللغة.