الأمير أعل ولد محمد لحبيب

أربعاء, 12/10/2022 - 18:35

عرف أهل محمد لحبيب بالعدل وإنصاف المظلوم وكانت الناس تقول أيام العدل الا اثنين : يوم القيامة ولّ انهار حد إراعي ف اكنان اخيام أولاد أحمد من دمان، إلا أنه وكما فى مقدمة " جنفييف دزيري - Geneviève Désiré " لمذكرات " لويس فرير جان - Louis Frèrejean" فإن سبب تفاني " أولاد امبارك " و " اترارزه " يرجع لغياب نظام واضح لتوريث الحكم فى مجتمع السلطة فيه للمتغلب ..
فحين غدر أحمد سالم ولد محمد لحبيب سنة 1871 أخاه سيدي وتأمر بعده، كان أخوهما إعل أمير الضفتين والجامع بين الجهتين مع أخواله فى الضفة اليمنى وحين علم بغدرة أحمد سالم لسيدي قرر الثأر وأعد العدة وكان أميرا شجاعا من كبار أمراء المغافرة ومن أشدهم بأسا وأكثرهم حظا سار بمن معه من الترارزة والسودان وحدثت بينه وبين أحمدسالم وقائع أشهرها وقعة منهل "إجلّه " 1871 وهي بئر لبني ديمان 60 كلم شمال المذرذره ، وهزم فيها جيش أحمد سالم وهاجم اعل منطقة " سهوتْ الماء " عند منتهى بحيرة اركيز واقتحم تحصينات أولاد دمان فى غيضتها العظيمة المسماة " الگانه " وهي أشجار ملتفة ينزلها أولادمان إذا خافوا فيتحصنون بها ولم يقدر أحد أن يغزوهم بها غير اعل فإنه اقتحمها عليهم ومزقهم كل ممزق، وبعد عدة هزائم من اعل لأخيه أحمد سالم خرج الأخير إلى تگانت فى طائفة من أخواله أولاد دمان مستعينا بإدوعيش " أبكاك " فأمده أهل اسويد أحمد بقوة رجع بها لقتال أخيه اعل فكان يوم " ملزم ازريبه "، بعدها قرر اعل التخلص من أحمد سالم فطاح عليه ليلا عند " أيشايه " وهي بئر تقع 25 كيلومترا غربي المذرذرة، فقتله عندها سنة 1873 وكان فى الخيمة معه العلامة الأديب امحمد ولد أحمد يوره الذى قال بعدها مخاطبا العالية من أعمر ول إعل الكوري : 
ذكرتك و الأبطال طارت قلوبها :: و خيل الأعادي بالمنية تعلف
و طار شرار الناس من كل جانب :: و غنى أبوبكر وهينم يوسف
فلما سمعت العالية بيتيه قالت تعلم أنك يامرابطي لما لعلع الرصاص قمت تؤذن، والعالية هي والدة أحمدسالم ولد ابراهيم السالم وهي المعنية بقول امحمد: 
مزلت إلَ راد الجواد :: انخلِ عزت عرادِ
لأولاد و خلوه زاد :: أولاد لأولاد أولاد
ومن الطرائف أن محمد لما كان في سجنه الفرنسيون في المذرذرة كان يحرسه برگچه متبيظن وكان امحمد يرتاح له وكثير الحديث معه، وسمع الملازم الفرنسيي (يطنَ) حاكم المذرذرة أن امحمد عليم بأخبار الزمان وتاريخ من غبر وخرّيت بالأرض فكان يتردد عليه بين الفينة والأخرى يسأله عما عنّ له من أمر البلاد وذات مرة سأله هل تعرف أم الأمير؟ 
والأمير آنذاك أحمد سالم، فقال امحمد "أسمع أنت هك عنك برگچه!!.. مسكين يطنَ، وهل أفنى شبابي غير هر؟!.

ومن أشهر أيام معارك اعل، يوم " أيدماتن " وهو يوم بين الأمير اعل واخوته أولاد فاطمة وكانوا يومها بقيادة ابراهيم السالم بن محمد لحبيب بعد موت أخيه أحمد سالم في أيشايه قاتل اعل كالأسد الهصور يومها وراوغ وصاول حتى انهزم القوم، وقد ماتت في الموقعة فرسه " الحمراء" التي قال يرثيها بقوله :
يالحمرَ رانك رگبت :: شانك فامنين اتوحدت
صعتِ واكصرتِ واكتلتِ :: لاعدوك ءُ لينت حسان
ءلاگط إلعاديك اليينتِ :: ءلاگط اطمعت فالغزيان
ءلاگط الفظتِ واكذبت :: ءلا گط اغدرت حد افمان
و اقتنى اعلِ بعد فرسه " الحمره" جوادا يسمى " لدهم" وهو الذي ذكره يگـوَ ولد محمذن ميلود الفاضلي في قصيدته الفائية التي يمدح بها اعلِ:
يابن البطارق من شامامَ والخلفا :: من آل شنظورَ من فاقوا الورى شرفا
ومن عداوته سم لطالبها :: ومن صداقته غنيمة وشفا 
ومن إذا الخيل لم تثبت فوارسها :: يلقى الكتيبة يوم الروع معترفا
ومن إذا ذكرت أيامه شهدت :: بما له من تليد المجد قد سلفا
فالجله تشهد وايداماتنٌ شهدت :: وايْشايَ والملزمُ المعروف قد عرفا 
والخيل تشهد من بخواگ إذ زحفت :: دامان تحسبهم من دونهم سدفا
ما زال مهرك ملقى في نحورهم :: وكلهم عن صهيل "الأدهم" انحرفا
ما انفك يصهل بالدخان مشتملا :: حتى أباح حريم الجيش فانجعفا
وأنت ترمي بهم يمنا وميسرة :: بين الخوالف حتى فر من زحفا
لا زال جدك يعلو كل من كذبت :: عليه آراؤه وكل من نكفا
ثم الصلاة على خير الورى وعلى :: ساداتنا آله وصحبه الشرفا

تولى اعل الإمارة سنة 1873 وكان شهما لم تهزم له راية وكانت له أخلاقٌ في الحرب مشهورة حيث كان لا يتعقب الهارب ولا يصول ولا يتعدى الدم، بسط الأمن في أرجاء إمارته ونشر العدل فلا يستطيع " هنتات " أخذ شاة لأحد ولاركوب جمل له وضرب مغرما على كل من أحدث شجارا أو فتنة في إمارته، حيث جعل على الضارب والمضروب مائه فصار المتنازعان ربما بصق أحدهما على وجه الآخر دون أن يستطيع بسط يده إليه خوفا من العقوبة ، ونصب القاضي العلامة أبنو بن المصطفي بن سيدنَّ الديماني من أولاد باركل ، مدح اعل بالكثير من الشعر الفصيح والعامي يقول أحد الشعراء :
ألفْ اعلِ يعطيهَ عجلانْ :: ماهِ شِ عنْدُ، وألفْ اعلِ
يعْدلهَا من لعربْ لعيانْ :: بالقولِ هُوَّ والفعلِ

واتفق مرة في أيام إمارة اعل أن عدم القمح في السنغال فكان الخبازون يلجؤون إلى زرع أسود يدعى " السويد " فيأتي خبزهم أسود وكان إعلِ أسود البشرة، وفي ذلك امحمد ولد أحمد يوره:
يا حبَّذا سوداءُ ذاتُ مَلاحةٍ :: في الحُسنِ ليس لها شبيهٌ يُوجدُ
لا تحسبوا ذاك السَّوادَ يضُرُّها :: فالخُبزُ أسودُ والخليفةُ أسودُ

و رغم أن الأمير اعل تربى مع أخوله أهل والو إلا أنه كان ضليعا بلغة حسان وكان شاعرا مطبوعا سلس اللغة قريب المأخذ بليغا مفتوحا في أژوان ومن شعره :
منصاب الدني تنثن :: بليلِ كامل فيهَ
من طرب و اتم اسنَ :: فبلده لين انجيهَ
ويقول أيضا:
ما يلحگ حد أمن الوسواس :: و العس أعل راصُو و الساس
و الذل أو خوف اكلام الناس :: وغداج أو كره الكلفه
امنين ال يتخمم باكياس :: انيلفه ماكاس انيلفه
ويروي أنه كان مرة في طريقه إلى مرسى تكشكمبه لإجباء (آمكبل) و معه جمع من حشمه فمر على حي من أحياء الزوايا ممن يتكلمون أكلام أزناگه، فسمع محادثة بين أحدهم و إحدى بنات الحي فأمسك محدثها طرف ثوبها فخاطبته بقولها: ورْتَشْ رَشْ مَطْگِ، أي أرخ طرفِ بالحسانية. فقال أعل:
حرّ گد الحرْ :: ويلِ من لعگِ
ماعندِ لبكرْ :: مان مِزّنْگِ
و عاد ذاك تامسنتيت شور "ورْتَشْ رَشْ مَطْگِ" المشهور
عقد إعل إتفاقا مع السلطات الفرنسية، ليكون بمثابة بند يدعم إتفاقية 1858م وقد أكد فى هذا البند حرية التجارة وعدم اقتصارها على محطة دگانه، كما أن الهدايا والتى سبق لها وأن حددت فى اتفاقية 1858م، قد استبدلت بمكافأة سنوية من" النيله " القماش الغيني قدرها "1200" وحدة " Pieces de Guinée "، خرج عليه ابناء أخيه سيدي بقيادة محمد فال مع جماعة من أولاد أحمد من دامان فقتلوه غيلة وتأمرا فى أكتوبر سنة 1886م وقتلوا معه زوجته وابنه الصبي محمد ولم تقتل اترارزه قبله النساء ولا الصبيان، و ذلك عند "احسي لغنم " فى ابيرات تاگنانت ومزاره هنالك معروف كان للعلامة محمد سالم ولد ألما عليه ممر. 

كامل الود
_______________
إكس ولد إكس إكرك