تبدي المعارضة خشيتها من تزوير الانتخابات القادمة وتتهم اللجنة الحالية للانتخابات بأنها موالية للمرشح الرئاسي محمد ولد الغزواني المدعوم من أحزاب الأغلبية، فيما تؤكد الحكومة على لسان الناطق الرسمي باسمها بشكل مستمر أنها ستوفر كل الضمانات لشفافية الانتخابات وقد رشحت المعارضة الصحفي المتمرد ولد الوديعة الذي لا يحظى بشعبية ولا بقبول في الوسط السياسي ويعتبر من مروجي خطاب الكراهية نتيجة معارضته المفرطة والعمياء وقد كتبت عنه مجلة جون افريك مختطفات من سيرة حياته : " الاسترقاق، والفضائح السياسية، والمالية، وتهريب المخدرات، وغيرها من المواضيع التي تشكل تابوهات، عالجها مقدم برنامج في الصميم، الذي ينصنفه النظام كأحد أعدائه.
يعرف نفسه بأنه "مواطن بسيط لا يتحمل الظلم" ويعرفه آخرون بأنه "صحفي مناضل مزعج للسلطة". خلف نظاراته، وبشكله الذي قد لا يعطي لمن يراه للمرة الأولى الانطباع الكافي عنه، أضحى الصحفي الأربعيني أحمدو ولد الوديعة أحد ألد أعداء النظام.
أوقفت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية "الهابا" لمدة شهر برنامج "في الصميم" الأسبوعي الذي يقدمه بقناة المرابطون الخاصة.
وقد وجهت له الهيئة التنظيمية تهما تتعلق بالدعوة إلى "الانفصال" وتعزيزه، والحديث عن "استمرار العبودية" في موريتانيا.
وقد ندد ولد الوديعة على الفور بالتهم الموجهة إليه، والتي تهدف إلى "تكميم أفواه الصحفيين، والحد من مساحة الحرية، التي لا تزال ضيقة".
لقد ناقش برنامج في الصميم منذ انطلاقته عام 2012 باللغتين العربية والفرنسية المواضيع الرئيسية التي تشكل تابوهات في المجتمع الموريتاني: القمع الذي تعرض له الزنوج في سنوات الجمر 1986ـ1991، ووصمة العار المتواصلة إزاء ذلك، الاسترقاق، الفضائح السياسية والمالية، وتهريب المخدرات...
ويقول مقدم البرنامج إن هدفه أن يقابل مختلف القادة السياسيين، وقادة الرأي والناشطين في المجتمع المدني، وإفساح المجال لهم، تماشيا مع مبدأ التعددية، الذي يثير بانتظام غضب السلطة.
مسار صحفي مناضل
لا يعتبر ولد الوديعة بالمبتدئ في المجال الإعلامي، فقد أطلق عام 2000 بعد إنهاء دراسته في مجال الأدب العربي، أسبوعية "الراية".
وبعد ثلاث سنوات من صدورها عمد الرئيس الموريتاني آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطائع إلى توقيف صدورها بتهم "التخريب والتعصب".
طورد ولد الوديعة من طرف الشرطة، وخرج من البلاد طالبا اللجوء السياسي في بلجيكا، ولم يعد لموريتانيا إلا بعد سقوط نظام ولد الطائع عام 2005. وفي ذات العام أطلق يومية "السراج" بالعربية والفرنسية والبولارية.
وبالإضافة إلى نشاطه الصحفي، ارتدى ولد الوديعة ثوب المناضل، ففي العام 2009 كان المتحدث الرسمي باسم محمد جميل ولد منصور المترشح للرئاسيات عن حزب "تواصل" "الإسلامي الحداثي".
وينشط ولد الوديعة بالتوازي مع ذلك في منظمة نجدة العبيد
الازدواجية في الالتزام جعلت البعض ينتقده، خصوصا بعد أن أصبح حزب "تواصل" حزب المعارض الرئيس في موريتانيا.
"صفتي الصحفية، تجعلني أترك انتمائاتي جانبا، وحينما حل ولد منصور ضيفا على البرنامج كنت معه أصعب مني مع الضيوف الآخرين". يقول ولد الوديعة.
وصل عناده الرئيس الموريتاني، ففي شهر مارس 2015، وفي أول حواراته الرئاسية، أصر ولد الوديعة على طرح سؤالين على الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهو ما أغضب الرئيس، قبل أن يأمر لاحقا بقطع البث المباشر.
"استمر قطع البث بضع دقائق، وأمرت رسميا بالخروج" يقول ولد الوديعة. لكن التوتر انتهى في نهاية المطاف، وعادت المقابلة من جديد وبحضور ولد الوديعة.
ثمانية أشهر بعد ذلك أعلن الصحفي على صفحته على الفيسبوك أن برنامج في الصميم سيتقبل أحد الشاهدين المباشرين على أحداث إعدام واحد وعشرين ضابطا زنجيا عام 1991.
ظل هاتفه مشغولا طيلة الوقت، يقول ولد الوديعة: "حجم الضغوط الذي تعرضنا له، أوضح لنا أنه في موريتانيا هناك مواضيع ينبغي أن تبقى قيد الكتمان".
تلقى أحمدو ولد الوديعة إنذارا رسميا من الهابا بسبب تجاوز الممنوع، ممثلا في الهوية، والاسترقاق، لكن ذلك لم يضعف إرادته.
ولا بد من أن النظام يعترف بأن الدولة الموريتانية لا يمكن أن تظل في خدمة شريحة واحدة من الشعب كما يقول أحمد ولد الوديعة."
الإعلام