الغيب هو كل ما غاب عن علم الإنسان غيبه الزمن سواء كان في الماضي أو المستقبل ، فكل ما غاب عن المشاهدة ليست له وسيلة للعلم به إلى الإخبار والنقل ، فما كان من حوادث وتأريخ ومشاهد ومواقع في الماضي الغابر لا يمكن للإنسان أن يتخيله ولا أن يتصوره بالحس ولا الحدس ولا العقل ، وكذلك ما سيأتي من مغيبات لا وسيلة للإنسان في معرفته إلا النقل الصحيح ، ومن المغيبات المطبقة ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تبارك وتعالى : ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت .. ) ، فمن هذه المغيبات : الموت فمن خفي لطف الله تبارك وتعالى بنا أن جعل الموت مغيبا عنا فقد يكون الموت نازلا بإنسان بعد لحظات وهو لاه مسترسل في أحلامه وطموحاته لا يدرك ما سيحل به ، وقد ينشب الموت مخالبه بمن هو بين أيدينا ولا يشعر بذلك من حوله وقت نزوله به ولا بما يصارع أو يتجرع هو من مرارة الموت وصعوبة وعسر انفصال الممتزجين ـ منذ أمد ـ الروح والجسد ليرجع كل إلى أصله لترتفع الروح العلوية الأصل إلى بارئها وتنفصل مع الجسم السفلي المنشأ ، وهذا رفق بمن حول الميت فلو كان الموت يرى أو يرى الملك المكلف بانتزاعه لذاب الإنسان وتبدد جسمه فرقا وحزنا وخوفا ، ولو كان الإنسان يعلم متى سيموت هو ولو بعد أمد طويل ما استطاع أن يستمتع بحلو الحياة ولا استطاع أن يستسيغ صافي زلال الماء لمرارة ما ينتظره ، لكن الموت رغم حقيقته الملموسة المعاشة ووقوعه دوما بمن نرى وبمن لا نرى ومن نسمع عنه فهو كالخيال في تصرفات بني آدم فكأن الإنسان من خلال تصرفاته خالد مخلد لم تكتب عليه الموت التي كتبت على كل شيء على الناطق العاقل وعلى البهائم وعلى الشجر والنبات وحتى على الجماد الذي لا يدرك ـ حسب رأينا ـ كل من عليها فان ، كل نفس ذائقة الموت ، كل شيء هالك إلا وجهه
الحسن أحمد سالم اميمين