للإصلاح كلمة تقول:ما أعمقها حفرة على طريق مهمة لجنة حقوق الإنسان المسلمة / محمدو بن البار

أربعاء, 23/10/2019 - 13:19

كلمة الإصلاح دائما مرتاحة لكون خطابها لا توجهه إلا إلى  للمسلمين ، الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون، ولذا فعندما قرأت في بعض المواقع عن زيارة لجنة حقوق الإنسان لبعض المفوضيات لتوجيههم في معاملة ما في مراكزهم من اللصوص ـ في تلك اللحظة فقط ـ تمنيت أن نكون ما زلت في تلك المهمة التي نجاني الله من تبعتها في الدنيا ـ لمدة 28سنة من المسؤولية عنها ونرجو من الله أن ينجيني من تبعتها يوم لا ينفع مال ولا بنون .

وهذه الأمنية في الرجوع إلى تلك اللحظة للأمن والتي لم يسبق لي مثـلها ولله الحمد حصلت في مشاعري عندما تصورت مهمة تلك اللجنة المكلفة بحقوق الإنسان من طرف أهل الدنيا وعندها نصوص كتبها لهم من لا يخاف عذاب الآخرة ولا يرجو لقاء الله ، وأنا أعلم أن هناك نصوصا أرسلها إليهم من لا تخفى عليه خافية ويعلم السر وأخفى ونصوصه في حقوق الإنسان موجودة منزلة ومحفوظة حتى يرث الله الأرض ومن عليها ــ ومنذ أكثر من أربعة عشر قرنا ــ وهي التي سيحاسبون عليها ، وهذه المحاسبة الدقيقة لا يفصلهم عنها إلا انتهاء هذه الحياة القصيرة التي لا يدري أي أحد متى تصيبه مصيبة الموت وفي أي حالة ستأتيه ولا يدري بأي سبب سوف يكون .

وبعد هذه الحياة هو ذاهب إلى حياة لم يخلق الله أصلا نهايتها ، أما بدايتها فمن نفس اللحظة التي انتهت فيها الأولى وفي نفس اللحظة سوف يشاهد هاتين الـلافتتين: إحداهما عند يمينه والأخرى عند شماله ومكتوب على التي في اليمين:(( إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين )) ومكتوب على التي في الشمال:(( إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر)) وهذه العبارة تشير إلى حتمية قراءة هذا القادم للافتة أخرى قبل وصوله لللافتتين  ومكتوب فيها مباشرة بعد فعل الملك الموكل بالموت كما قال تعالى (( قـل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ــ ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شعفاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون )) .

أما سبب تمنياتي بالرجوع إلى مهنة الأمن ساعة وصول لجنة حقوق الإنسان فقط ليجدوا أنني قبل وصولهم أحضرت لهم جميع ضحايا اللصوص على مختلف الجرائم التي صرحوا أنهم وجدوا أصحابها في مخافر الشرطة ،تلك الجرائم التي حرم الله على كل إنسان أن يقوم بها ضد أخيه الإنسان وأعطى لكل إنسان حق الدفاع فيها عن نفسه وأن ميت دفاعها شهيد وأن قاتـل المدافع عنها مهدور الدم شرعا بالإضافة إلى ما ينتظره عند الله من الجزاء ــ إن ربك لبا لمرصاد .

وهذه الجرائم هي قتـل النفس أو محاولتها أو أخذ الأموال أو محاولة ذلك أو هتك العرض أو محاولة ذلك وهذه كلها هي الجرائم التي تصبح منشورة في المواقع الموريتانية كل صباح وبأبشع صورها وأفحشها إلى آخر ما يقع نشره ويقرأه الجميع كل ساعة ، ومن المعلوم أن هذه الجرائم بالكم والكيف الذي تنشر كثرت واستفحل فعلها حتى أصبحت روتينية لا تـلفت نظر إلا  من وقعت عليه ، وذلك من يوم تولي الرئيس المنصرف مهمة الأمن بنفسه هو وحده وهيئة الدرك واستغنى آنذاك عن خدمة الولاة والحكام المكلفين أصلا بالموضوع هم وما وضعت لهم جميع الدول من قوات تخصصها هو نشر الهدوء والأمن تحت إشراف الإدارة الإقليمية وسلطة وزارة الداخلية.

 ومن المؤسف أنه حتى الآن لم ير المواطن الأمور رجعت إلى أصلها الأمني للقضاء على هذا النوع من الجرائم وإن كان انخفض أخيرا نسبيا بدون ظهور الإدارة الإقليمية حتى على المسرح وتحمل مسؤوليتها كما كانت .

وعندما تصل لجنة حقوق الإنسان إلى المفوضيات وتجد أمامها الضحايا على مختلف الجرائم أعلاه فلاشك أنها ستبدل اسمها فورا وهي أنها تصبح لجنة المحامين عن اللصوص وهذا الوصف ينطبق على اللجنة ساعة تلبسها فقط بهذا التوجيه وليس وصفا لأفرادها خارج هذه اللحظة  فعندما يسأل كل لص أمامهم ماذا فعلت بضحيتك هذا ويعيد اللص مسرحية العمليات أمام اللجنة كما يظهر على جسد الضحية إذا كان بقي حيا من أنواع الجراحات وفي كل موضع من الجسد هو أقرب للخطر ، وكذلك عندما يرون الضحية ذا عيال وكان قد حصل على ما يعينه على عياله وقد أفقره اللص في تلك الساعة  وكذلك عندما تقوم النساء بإفشاء ما هتكه اللص الواقف أمام لجنة حقوق الإنسان من عرضهن وكيف عذبها قبل هتك عرضها فلاشك أن اللجنة ستـتـذكر من جهة أن هذا إنسان مجرم وهذا إنسان مغلوب على أمره أصبح بعد لحظة يحمل كثيرا من الجراحات في جسده وأفقره اللص في نفس الوقت وهتـك عرضه حتى أصبح خجولا من إنسانيته المجروح عرضها فأي الفريقين أحق بالرعاية الحسنة: فأقرب تفكير في العقل أن "ال " في عنوان حقوق الإنسان هي استغراقية فهذا إنسان مجرم لص وهذا إنسان ضحية هذا الإنسان وهما يقفان جنبا إلى جنب أمام اللجنة ، واللجنة حضرت لتعطي توجيهات في رعاية حقوق اللص المجرم في الرعاية الصحية وحسن الأكل والشرب وعدم فعل أو قول ما يجرحه جسديا أو عرضا إلى آخره .

أما الإنسان الضحية فأحسن ما سيوجهه إليه هي كلمة طيبة نتمنى لك الشفاء أو أحسن الله حالك فأين مراعاة تعاليم الإسلام هنا .

وقبل مغادرة اللجنة فعلى المفوضية أن تضع أمامها هذه المشكلة التي يعيشها الأمن دائما فعلى المفوضية أن توقف أمام اللجنة لصا كان قد سرق واعترف بذلك ولكنه امتنع من إعطاء غالبية المسروق بل يقول ضاع علي فقط  ويمكن أن يكون أعطاه لشخص آخر فيمتنع من ذكره .

فمثلا المبلغ المسروق من النقود مليون أوقية وهي ما عند الضحية من الإنفاق على أهله ووجد عند اللص منها 10 آلاف فقط والأخر امتنع من إحضاره مدعيا أنه ضاع عليه ويمكن أن يكون مازال عنده، وكذلك جميع المسروقات الأخرى وجد منها شيئا وأخفى منها كثيرا مع الإقرار بسرقته فما هو موقف اللجنة من حق الإنسان الآخر الضحية .

ومن هنا أقول للجنة ونسمعها ما يخاطبها الله في هذا الصدد يقول الله هنا (( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا)) ويقول تعالى(( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء )) .

وهناك حديث آخر متفق عليه وهو: عندما سرقت امرأة من بني مخزوم وثبتت عليها السرقة وأراد قومها أن يشفعوا لها عند النبي صلى الله عليه وسلم فاختاروا لذلك  أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه وعندما جاء بواسطته للنبي صلى الله عليه وسلم تغـير وجهه من وساطته قائلا له أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة وكررها عليه ذلك حتى تمنى أسامة ألا يكون قد قام بذلك .

وعلى العموم فأنا أعلم أن هذه الجرائم قنن المولى عز وجل لها نصوصا في كتابه العزيز وأمر بالحكم بها على أصحابها ونهى حتى أنبياءه عن الحكم تبعا للهوى كما قال لداوود ((يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله )) .

ولكن أغلب سكان العالم حتى المسلمة منها اختارت تـقنينا تبعا لأهوائها نابذة حكم الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ــ ولكن هنا أبشر الشعب الموريتاني أننا نحن الموريتانيين من فضل الله علينا ونتيجة لخوف الرئيس هيدالة من ربه فقد أمر العلماء في زمنه قائلا لهم كل مادة كتبتموها لي أنها الحكم الشرعي في هذا الشعب أوقع لكم عليها فنرجو من الله أن يطيل عمره وأن يبدل خوفه من الله في الدنيا أمنه في الآخرة .

وفعلا قـنن العلماء القانون الجنائي الموريتاني طبقا للنصوص القرآنية وبذلك انتهت العهدة عن الشعب وبقيت على القضاة في الحكم وعلى الرئيس في التنفيذ ، وقد علمنا عدة مرات أن بعض القضاة حكم بالقطع والجلد على بعض المجرمين فيبقي التنفيذ الذي يختص به الرئيس وحده ، ولا يجوز لأي مواطن أن يتدخل فيه ولو كان المطبق عليه ولد المتدخل ، والرئيس هو الذي سوف يبقي وجها لوجه مع ربه وربه أعلم بما في نفسه هل هو عاجز عن التطبيق أو لم يفكر فيه وهنا يقول المولى عز وجل(( ولا تكسب كل نفس إلا عليها )) .

أما اجتهاد الأوربيين في تـقنين ما سموه حقوق الإنسان الذي لا يستطيعون أن يجابهوا به الأقوياء ويعاقبون الضعفاء على عدم تطبيقه كما هو مشاهد فإن تـقـنينه لا يبيح ما حرمه الشرع من إعانة الظالمين على ظلمهم بل العكس هو الذي يطلبه الشرع من المسلمين من الابتعاد عن الظالمين ومحاصرتهم كما قال تعالى(( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) .

فجميع المسجونين على جرائمهم لا يجوز لأي مسلم أن يتعاطف معهم ولا أن يقدم إليهم أي خدمة توحي بالرحمة بهم لأنهم أوعدهم الله في قوله (( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ــ أسمع بهم وأبصر يوم ياتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين )) .

اللهم إلا إذا كان هناك مسجون سياسي وسجن على آرائه في السياسة فقط ولكن بشرط أن لا يكون قام بأي عمل مادي ضد أي شخص ولا ضد أي ممتلكات عمومية ولم يقم بتحريض على عصيان عام ضد الدولة بل سجن فقط لمجرد أنه أبدى رأيا ضد ما تقوله الدولة يري أنه أصلح للدولة وسجن بذلك  فهذا وحده بهذا الشرط يمكن للجنة حقوق الإنسان أن تتدخل لمنع إهانته قبل محاكمته فالله يقول : ((والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعـنـتكم إن الله عزيز حكيم ))