قد يبدو هذا السؤال غريبا لمن يتابع أخبار هذا الوباء؛ فمؤسسات كثيرة أعلنت إفلاسها بسببه، وبطالة كبيرة سينشرها، وأزمات عديدة في الأفقين القريب والمتوسط سيحدثها.
يكفي أن نتصور حجم الخسارة التي أصابتنا، ونحن دولة استهلاكية؛ يأتيها رزقها من خارج حدودها، لكن حجم الخسارة التي أحدثها إغلاق الأسواق والمحلات الخدمية، والحدود، والولايات، وتوقيف أغلب مجالات الاسترزاق أصاب الجميع في أرزاقهم، وكانت وطأته أكثر قوة وشراسة بالنسبة للفقراء...
تصوروا الآن خسارة أولئك الذين نلبس من صناعاتهم، ونأكل ونشرب ونركب، ويتنفس مرضانا ويتعالجون كم هي خسارتهم إذا كانوا قد احترزوا قبلنا...
إذن العالم كله يتكلم عن الخسارة التي أصابته جراء هذا الوباء، ومع ذلك فيمكننا أن نفكر فيما ذا يمكن أن نستفيد من هذه المحنة، وفي نظري أننا ينبغي أن نستفيد من كورونا ما يلي:
_ إن حظر التجول أدى إلى تأمين الأنفس والممتلكات؛ فلم نقرأ تلك الأخبار غير السارة المتعلقة بالجرائم والقتل والنهب؛ لذلك علينا أن نفكر في اكتتاب مزيد من قوات الأمن ومضاعفة المفوضيات والدوريات، وكاميرات المراقبة مستقبلا؛ حتى نتمكن بعد كورونا من مزيد من الأمن في مدننا، ولنقلل من شبح البطالة التي تنخر مجتمعنا.
_ إن تأمين الحدود يجب أن يستمر بعد كورونا حتى نضمن تنظيم الدخول إلى دولتنا والخروج منها، وحتى نجعل من حدودنا أمكنة قابلة للحياة.
_ إن توزيع سلات غذائية ومساعدات مالية ينبغي التفكير إلى جانبه في خلق مشاريع صغرى ومتوسطة إنتاجية... وعلينا أن نحدد فقراءنا من أغنيائنا، وأن نضبط استهلاك كل ولاية ومقاطعة من جميع المواد لنستفيد من هذه الإحصاءات مستقبلا.
_ توقيف الدراسة طرح تحديات كبيرة تهدد سنتنا الدراسية، وعلينا من الآن أن نفكر في تعليم مستمر عن طريق جميع الوسائط الإذاعة والتلفاز والوسائط الأخرى وأن تكون هذه المحطات جهوية وتابعة للجهات المختصة، وأن لا تكون دروسها على وسائط ألكترونية متوفرة أكثر من الكتاب، وأن تبحث الوزارة من اليونسكو عن تمويل لهذا المشروع.
_ علينا، باختصار، أن نفكر جديا في التحول سريعا من وضع إلى آخر... من وضع الدولة المستهلكة المعتمدة على الدول الأخرى، تمويلا وتخطيطا وتوجيها، إلى الدولة المنتجة المنطلقة من ظروفها، الساعية إلى بناء الذات، الطامحة إلى أن تتجاوز واقعها نحو الأفضل.