في بيت الشعر : تراتيل الأصيل وتجربتان تتمايزان فنا ولغة وأخيلة

سبت, 08/08/2020 - 11:34

نظم "بيت الشعر – نواكشوط" مساء أمس (الخميس) أمسية شعرية، قدمت خلالها تجربتان شعريتان، وتميزت بحضور عدد هام من الشعراء الشباب، فضلا عن رواد البيت من الأكاديميين والمثقفين البارزين.
وشارك في الأمسية الشاعران: القاضي محمد عينين وأيوب النجاشي، فيما قدمها الشاعر سيدي أحمد اعل، الذي افتتح الأمسية بتجديد الترحيب بجمهور بيت الشعر إثر استئناف النشاطات الميدانية للبيت، ليستمع الحضور إلى ورقيتن تعريفين بشاعري الأمسية.
بعد ذلك استمع الحضور إلى الشاعر القاضي محمد عينين، الذي قرأ ثلاث قصائد تمثل تجربته الشعرية، وبدأ بإنشاد قصيدته "جلباب الضوء"، التي يقول في مطلعها:
نَاءَتْ بِدَرْبِ الرُّوحِ كَفُّ العَاجِـزِ
فَحَمَلْتَهَــا عَبْرَ اصْفِـرَارِ مَفَــاوِزِ
يَعْلُو شُرُوقِي لَوْ نَفَخْتَ بِخَامِـدِي
وَأَقَمْتَ فِي أَصْلِ الرُّقيِّ حَوَافِـزِي
في مَدْحِكَ العَنْقَـاءُ أَسْهَلُ مَطْلَبِي
وَالحُبُّ أَدْنَى مَـا تَكُـونُ جَوَائِـزِي
تَذْوِي السُّطُورُ إِذَا نَثَرْتُ حُرُوفَهَـا
وَالشِّعْرُ يَقْصُرُ مِثْلَ حِبْرِي الرَّاجِزِ
يَا مِشْعَـلاً نَسَجَتْ أَشِعَّتُـهُ المَـدَى
لِتُـذِيبَ صُــمَّ قَوَالِبٍ وَحَوَاجِــزِ
إلى أن يقول:
جَـاوَزْتَ مَدَّ الكَـوْنِ رُغْـمَ عُلُـوِّهِ
وَتَبِعْتَ ذِكْرَكَ في خُطَى المُتَجَـاوِزِ
فَهُنَـاكَ يَقْصُـرُ كُلُّ خَلْـقٍ مُجْتَبَى
لاَ رِكْـزَ يُسْمَـعُ أَوْ مَعِيَّــةَ رَاكِــزِ
فَرَسَمْتَ حَبْلَ الوَصْلِ خَطَّ عَـوَالمٍ
وَالقَـــوْمُ بَيْـنَ مُصَـدِّقٍ أَوْ لاَمِــزِ
فَاسْتَنْصَـرَ الإِيمَــانُ ظِلَّ صَبَاحِــهِ
وَكُفِيتَ شَــرَّ مُلاَمِـــزٍ وَهَوَامِـــزِ
ويختمها بقوله:
أَوَ لَمْ تَكُنْ بَحْـرَ الحَـلاَوَةِ لِلـوَرَى
وَالشُّرْبُ مِنْكَ غَدَا كَأَفْخَمِ جَائِزِ؟
لَمَّا ارْتَوَى أَصْلُ القُلُوبِ وَأَقْبَلَتْ
تُحْيِي الشُّمُوعَ عَلَى قِبَابِ مَرَاكِـزِ
بعد ذلك أنشد قصديته "وشم على الأيام"، التي يقول مطلعها:
صَمْتُ القُلُوبِ رَدًى بِصَهْوَةِ دَاهِسِ
لَـنْ تَبْعَثَ الأَوْهَـــامُ جُثَّــةَ دَارِسِ
لم يَبْـقَ لِلأَحْــلاَمِ نَسْــجُ غَمَامَــةٍ
تَغْتـَالُ مَــا يَنْمُـو بِلَهْفَـــةِ يَائِـسِ
يَا فِتْنَــةَ الأَمْسِ التي عَصَفَتْ بِهَــا
رِيـحُ السِّنِــينِ وَقَهْرِهَــا المُتَنَافِـسِ
نَامَتْ مَطَالِعُكِ الـتي قَـدْ هُدْهِـدَتْ
وَالمَـدُّ غَـابَ بِظِـلِّ الغُصْنِ المَائِـسِ
قَـدْ كَـانَ يَهْتِفُ لِلصَّبَــاحِ مُغَــرِّدًا
وَالآنَ يَجْثُــو بِالغُـرُوبِ كَسَائِـسِ
إلى أن يقول:
مَا عُدْتِ أُخْتَ الرُّوحِ عَزْفُ حَنِينِهَا
وَالبَحْـرُ يَمْتَلِكُ اشتهـاء الغَاطِـسِ
وَالمَبْسَــمُ الطَّاغِـي فَقَـدْتِ بَرِيقَــهِ
وَفَقَدْتِ فيِ التَّغْرِيـرِ سَهْمَ النَّاعِـسِ
ولد عينين، صاحب دواوين: "أوتار"، و"رماس السراب" و"أوجاع الطين"، اختتم بقصيدته "اليَوم"، التي يقول في مطلعها:
الرُّوحُ تَفْتَـحُ لِلسَّــلاَمِ كِتَابَهَـا
وَالنَّفْسُ تَرْفَـعُ لِلسُّلُوِّ حِرَابَهَـا
لِلنَّائِبَاتِ يَدٌ تحُـزُّ .. وَمَـا دَرَتْ
بالْجُرْحِ فِيهَـا أَوْ أَذَاهُ أَصَابَهَـا
تُلْقِي عَلَى صُبْحِ الصَّوَابِ مَرَارَةً
تَحْثُــو بِمَـدٍّ للعُقُــولِ تُرَابَهَــا
وَإِذَا لَهِيبُ المُوقِدِينَ سَـرَى عَلَى
أَنْفَـاسِ وَرْد النَّـابِهِـينَ أَذَابَهَــا
حَتَّى جَرَى بِالأَرْضِ نَبْضُ وَرِيدِهَا
لمَّـا عَـلاَ بِذْرُ الرَّصَـاصِ قِبَـابهَــا
إلى أن يقول:
يَـا وَارِثِـينَ الدَّارَ أَيَّــة حُجْـرَةٍ
قَـدْ هُدّمتْ أَوْ غَلَّقَتْ أَبْوَابَهَــا
لاَ تَسْفِكُـوا صَبْرَ الطَّبِيعَةِ عُنْـوَةً
فَلَعَلَّهَا تُحْيِـي الغَـدَاةَ جِرَابَهَـا.
بدوره، قرأ الشاعر أيوب النجاشي ثلاث قصائد تمثل تجربته الشعرية، وبدأها بالمديح النبوي، وقصديته "يا حامل النور"، التي يقول في مطلعها:
قلائد الحسن من مرآك تنتظم
وساحة الشعر بالإيمان تعتصم
والشمس في خجل والبدر في قلق
 والبحر ساوره في جوده العدم
يا حامل النور من كفيك ترسله
والليل مرتحل والموج ملتطم
ما الغيث إلا قليل من نداك وما 
إشراقة البرق إلا حين تبتسم
إلى أن يقول:
أتيت فارتاحت الأكوان ضاحكة 
من بعدما سادها الإملاق والسأم
آويت موؤودة، أكرمت ضائعة 
داويت مغتربا أودى به السقم.
بعد ذلك أنشد صاحب ديوان "جرح الوطن"، قصيدته "سلام على الأقصى"، التي يقول في مطلعها:
سلام على الأقصى ومعراج أحمد     
وساحاته الخضراء غيمة سؤدد
سلام على الأقصى وقبة عزه
 وصخرته الشماء والمسجد الندي
إلى أن يقول:
سلام ربى شنقيط تهديه أختها
وتحمله الأشواق إنشاد منشد
فمسرى رسول الله أيقونة الهدى
سيطفق بالأعلام في كل مشهد 
وتبقى لنا قدس المفاخر حرة   
يروح بها صوت الأذان ويغتدي
واختتم ولد أيوب الأمسية بإنشاد قصيدته "عودة التاريخ"، التي يتحدث فيها عن استقلال موريتانيا، ويقول في مطلعها:
الله أكبر بدر الشم ما احتجبا
والشمس طالعة الإشراق واعجبا
ماذا أرى؟ هل أعاد الكون أحجية
تلامس الفن والإبداع والأدبا
أم الغيابات قد أضحى يرن بها 
صوت الصباح ومنه تنتشي لهبا
تعانقين دروب الفجر واعدة
وتملئين بيوت العلم والقببا
هذا نفمبر عيد النصر قد شرفت
به مرابعنا واساقطت رطبا.