واشنطن-"القدس" دوت كوم- سعيد عريقات- علمت "القدس" من مصادر مطلعة، اليوم الثلاثاء، أن طواقم البيت الأبيض تعمل على تنظيم مراسم وحفل توقيع الاتفاق التطبيعي بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل يوم 13 أيلول الذي يصادف يوم أحد، وهو يوم عطلة في الولايات المتحدة، ولا يشهد عادةً احتفالات كبيرة في البيت الأبيض.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "إن اختيار يوم 13 أيلول منطقي جدًا، فهو أولًا يصادف الذكرى السابعة والعشرين (27) لتوقيع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض (13/ 9/ 1993)، بحضور عدد كبير من الزعماء السياسيين والشخصيات القيادية البارزة من أماكن كثيرة من العالم".
ويضيف المصدر بشأن هذه النقطة :"الكل يعلم أن بنيامين نتنياهو عارض اتفاق أوسلو بشكل قوي، وتعهد بتفكيكه منذ انطلاقه، وكذلك الإنجيليون التبشيريون الذين يشكلون قاعدة الرئيس ترامب الأكثر أهمية والذين يؤمنون بأن إسرائيل يجب أن تسيطر وتستحوذ على كل أراضي "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية المحتلة) كي يعود السيد المسيح".
ولذلك "يظهر كلٌّ من نتنياهو وترامب منتصرين، ومحاطين بزعماء وقيادات مهمة عربية وعالمية، فقد أنهيا اتفاق أوسلو الذي ارتأى بشكل أو بآخر وقف الاستيطان بشكل كامل من الضفة الغربية لفسح المجال أمام قيام دولة فلسطينية وفق الاتفاق، واقتلاع المستوطنات، وتقديم التنازلات الكبيرة لعرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية".
وثانياً "وسط أيلول من كل عام دائماً مهم في الجدول الأميركي، فيصادف يوم 13 أيلول بعد يومين من مرور 19 عاماً على الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمية الذي قتل الآلاف من الأميركيين (11/ 9/ 2001) وأطلق حروباً في أفغانستان وأماكن أخرى لا تزال مستمرة، وبالتالي يشكل هذا التاريخ دائماً نقطة تركيز وانتباه على البيت الأبيض من قبل المواطنين الأميركيين".
وثالثاً، بحسب المصدر: "هذا التاريخ (أواسط أيلول) دائماً هو الأهم في إعطاء المرشحين والمتنافسين على الرئاسة في كل عام انتخابي كل أربع سنوات –هذا العام الرئيس دونالد ترامب يحاول جاهداً، ومن موقع متراجع وفق الاستطلاعات نوعاً ما، الفوز بدورة رئاسية ثانية وهزيمة نائب الرئيس السابق والمرشح الديمقراطي جو بايدن؛ دائماً تشكل انتهاء عطلة عيد العمل (7 أيلول هذا العام) انطلاق حملة التنافس على أشدها، وماذا أفضل للرئيس ترامب من استخدام البيت الأبيض لتسليط الأضواء على نفسه وحملته وقيادته من توقيع اتفاق سلام بين الدول العربية وإسرائيل، وظهوره كقائد فذ يحقق هذا النوع من الاختراقات التي تستحق -من وجهة نظر البعض- جائزة نوبل للسلام".
ويقول المصدر: "إن كلاً من جاريد كوشنر، ووزير الخارجية مايك بومبيو، يضغط بثقل الولايات المتحدة على زعماء بارزين من العرب لحضور مهرجان ومراسم التوقيع، والاعتقاد بين المتابعين هو أن كوشنر وبومبيو سينجحان في إقناع بعض هؤلاء الزعماء للمشاركة بمراسم الاحتفال".
يذكر أن دبلوماسيين إسرائيليين وأميركيين وصلوا، على متن طائرة تجارية في أول رحلة طيران مباشرة بين تل أبيب وأبو ظبي، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أمس الاثنين لصياغة تفاصيل الاتفاق الحديث لإقامة علاقات منتظمة بين إسرائيل والإمارات.
وخطط الوفدان، بقيادة كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر وكبار مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لمناقشة الروابط التي ستجعل دولة الإمارات العربية المتحدة رسمياً الدولة العربية الثالثة التي تعقد اتفاق سلام مع إسرائيل رسمياً، و"تتحالف معها في مواجهة إيران، وتضع حداً للعبث الإيراني في المنطقة كما في مجالات الدبلوماسية والأمن والتكنولوجيا والتجارة وتبادل المعلومات ومراقبة المواطنين"، بحسب المصدر.
وقد توسطت إدارة دونالد ترامب مؤخراً في الاتفاق المبدئي، وكانت الآمال كبيرة في جميع البلدان الثلاثة في التوصل بسرعة إلى اتفاق نهائي. وقد ألغت دولة الإمارات يوم السبت الماضي قانوناً بشأن إلغاء مقاطعة إسرائيل، ما فتح الطريق أمام الرحلة الجوية فضلاً عن اتفاقات في القطاعات التجارية والمالية وغيرها، مع إجراء اتصالات بالفعل بين وزيري الزراعة في البلدين. وقال دوري غولد، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق الأمم المتحدة الذي شارك في الجهود المستمرة منذ سنوات لإقامة علاقات أوثق، وإن كانت شبه سرية بين البلدين في تصريح لصحيفة واشنطن بوست: "لا أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً؛ أعتقد أن كلا الجانبين لديه دافع كبير للتقدم في علاقتهما الجديدة".
ويعتقد الخبراء أن أبرز القضايا الشائكة التي يتعين حلها عادت إلى الظهور بحلول الوقت الذي هبطت فيه طائرة "العال" الإسرائيلية في مطار أبو ظبي الدولي، وهي البيع المحتمل لمقاتلات أميركية من طراز F-35 إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويجدر بالذكر أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسطولاً من تلك الطائرات، وهي الأكثر تقدماً في ترسانة الولايات المتحدة، وقد أثارت التقارير المسربة التي تفيد أن واشنطن قد تتيحها للدولة الخليجية العربية بعد الاتفاق الدبلوماسي التاريخي عاصفة في الدوائر الأمنية الإسرائيلية. وأخبر كوشنر الصحافيين على متن الطائرة، في إحدى المرات التي أكد فيها احتمال أن صفقة أسلحة كهذه أصبحت أكثر احتمالاً، "سيناقش رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس ترامب ذلك في مرحلة ما".
وقد صرح نتنياهو قبل أيام أن إسرائيل تعارض البيع باعتباره تهديد للميزة العسكرية التي تتمتع بها داخل منطقتها المعادية تاريخياً، وهي سياسة إستراتيجية مدعومة صراحة بأسلحة أمريكية بقيمة مليارات الدولارات. ونفى رئيس الوزراء التقارير الإعلامية التي تفيد بأن صفقة F-35 كانت جزءاً من الاتفاق الذي تم التوصل إليه للتو مع دولة الإمارات، حيث إنه "لم يكن هناك تفاهم حول هذه القضية يربط هذا الإنجاز على صعيد السلام ببيع طائرات F-35؛ فهي ليست جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من التفاهمات حول الاتفاق؛ نحن نعارض البيع الذي يمكن أن يؤثر سلباً في تفوقنا العسكري النوعي" بحسب نتنياهو.
وقال كوشنر يوم الاثنين إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بمساعدة إسرائيل في الحفاظ على تفوقها العسكري، ولكن واشنطن لديها أيضاً علاقة دفاعية تعود إلى 30 عاماً مع دولة الإمارات. وصرح كوشنر لدى وصوله إلى أبوظبي إن "التفوق العسكري النوعي لإسرائيل هو شيء يمكن احترامه مع تعزيز علاقتنا العسكرية مع الإمارات".
وقال العديد من المراقبين الدبلوماسيين والأمنيين إن التوترات المحيطة بطائرات F-35 من غير المرجح أن تعرقل الاتفاق مع دولة الإمارات. وقال نيتسان نوريئيل، المدير السابق لمكتب مكافحة الإرهاب الإسرائيلي، إنه "من وجهة نظر عسكرية، يمثل امتلاك دولة الإمارات لطائرات F-35 أمراً كبيراً، لكنه ليس شيئاً لا يمكننا التعامل معه؛ وليس شيئاً سيستخدمونه ضدنا". وتشمل القضايا الأُخرى التي لم يحلها المفاوضون بعد مسألة تبادل السفراء ومكان السفارات وإنشاء وسائل نقل منتظمة واتصالات تجارية وثقافية.
ورفض المصدر التكهن بشأن من من الزعماء العرب سيحضر مراسم البيت الأبيض.