يشهد قطاع الصيد بنواذيبو، والذي يمثل شريان الحياة الأساسي بالنسبة لاقتصادنا الوطني- لما يوفره من آلاف فرص العمل - أزمات متعددة تزداد حدتها وتتفاقم كل يوم، نتيجة السياسات والاستراتيجيات الفاشلة المطبقة في السنوات الأخيرة من طرف النظام السابق، و التي ورثها النظام الحالي ولم يحرك ساكنا لتغييرها أو الحد منها، رغم الآمال انتظرها الجميع بعد وصول الرئيس الجديد للسلطة، و التي تتبخر يوما بعد يوم - بسبب التمادي في تدوير كبار المفسدين و المشمولين في ملف التحقيق البرلماني.
وقد أدت تلك السياسات والممارسات، إلى انخفاض كمية الصيد إلى أدنى حد بعد الراحة البيولوجية الثانية لهذه السنة 2020، مما نجم عنه توقف شبه كامل لأسطول الصيد التقليدي بشكل خاص، والذي يعد ركيزة أساسية لتوفير اليد العاملة، إضافة إلى تسريح آلاف العمال، وذلك ما أثر سلبا على مختلف الأنشطة في المدينة لكونها ترتبط أساسا بهذا القطاع الحيوي الهام.
وتعتبر الأزمة الحالية نتيجة طبيعية للنهب الذي تتعرض له منطقتنا الاقتصادية الخالصة، من طرف الأسطول التركي و الصيني، و ذلك بعد تمكنهم من تجاوز آليات الرقابة البحرية الموجودة على بواخرهم، دون أن تتخذ السلطات و الرقابة البحرية أية إجراءات رادعة بحقهم، كسحب الرخص و طردهم خارج البلاد.
إن الكميات الخيالية المصطادة من طرف البواخر التركية، والمقدرة بحوالي 400 طن خلال يومين، والمأخوذة أساسا من الصيد في المناطق المحظورة وبشباك محرمة، تشكل خطرا على الثروة السمكية و المحيط البيئي الضروري لتكاثر السمك. كما أن مواصلة السماح للشركات الصينية (بولي هونغ دونغ –سن رايز) باستخدام تقنية الجر بين باخرتين (chalut à bœuf ) والتفريغ على أرصفتهم الخاصة، يساهم في مواصلة نهب وتدمير ثروتنا السمكية .
وكما هو معروف فإن الشركة الصينية المثيرة للجدل "بولي هونغ دونغ" والتي تم تقديمها للرأي العام بوصفها شركة عملاقة، ومشروعا كفيلا بتطوير قطاع الصيد خاصة الصناعة التحويلية للسمك السطحي الصغير، مما سيمكن من خلق آلاف فرص الشغل، ونموذجا لإدماج قطاع الصيد في الاقتصاد الوطني، و نقلا للتكنلوجيا يعطي قيمة إضافية حقيقية للمنتج، ويضع على السوق الدولي منتجا صناعيا موريتانيا.. ظهر لاحقا أن كل هذا لم يكن إلا خديعة كبرى، ووسيلة للحصول على عمولات لرأس النظام حينها وبعض معاونيه الذين لا يزالون في مناصبهم أو في أخرى أهم منها.
فبعد مضي أزيد من عشر سنوات على توقيع الاتفاقية بين الدولة والشركة الصينية الخصوصية، لم نلاحظ خلق أي قيمة مضافة، ولا صناعة تحويلية للسمك السطحي الصغير، ولا خلق فرص الشغل المأمولة بل سمح لها بتشييد مصنع ضخم لدقيق السمك واستجلاب بواخر تركية عملاقة في خرق تام لدفتر الالتزامات.
و قد أكد التحقيق البرلماني الأخير كل ما كنا ننادي به عاليا في بياناتنا ومهرجاناتنا طيلة السنوات الماضية، من نهب ممنهج ومن فساد وزبونية في الترخيص لهذه الشركة، التي تشكل بوضعها الحالي تهديدا حقيقيا لثروتنا السمكية.
وأمام هذه الوضعية المزرية والخطيرة لقطاع الصيد، فإن اتحادية تكتل القوى الديمقراطية بنواذيبو تدعو بإلحاح إلى :
- التحقيق العاجل في الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انخفاض الإنتاج وانقراض بعض النوعيات الكثيرة والهمة مثل كوربين ....؛
- توقيف وسحب رخص كل البواخر الصينية أو التركية التي تقوم بنهب ثروتنا السمكية بشكل رهيب؛
- وضع استراتيجية جديدة للصيد، تضمن الحفاظ على ثروتنا السمكية وتجددها؛
- سحب رُخص صيد الأعماق الممنوحة دون وجه شرعي لشركة ابولي هونغ دونغ، وتطبيق توصيات لجنة التحقيق البرلمانية بخصوص ظروف وملابسات اتفاقيات الصيد المبرمة بين الدولة الموريتانية والشركة.
نواذيبو، الثلاثاء 14 جمادى الأول 1440 / 29 دجمبر2020
اتحادية التكتل بنواذيبو