مكب تيفريت الإشكال الصعب/ عبد الله السيد

أحد, 07/02/2021 - 16:01

حين كتب أخي وزميلي الدكتور موسى أبنو روايته (Barzakh) لم تنتبه النخبة إلى الإشكال البيئي الذي استشرفته لهذه المجابات، وبعد ترجمتها وصدورها باسم "مدينة الرياح" ركزت القراءة على جوانب فيها غير البعد البيئي، لكننا اليوم نرى حقيقة أن هذا الإشكال بات مطروحا في جميع جهات هذه المجابات...
لقد انتهت الرواية عند مصير مظلم؛ يتلخص في أن مستقبل مدينة الرياح سنة ٢٠٢٥ مكب للنفايات السامة، برعاية الأمم المتحدة، ومقابل حصول حاكمها على العملة الصعبة، وأن المعارضة يومئذ ستكون مجموعة قليلة من انمادي، ترسل كلابا جياعا ليمنعوا شاحنات من بلوغ هدفها، ويكون مصير تلك الكلاب إما الموت أو السقوط من الشاحنة.
تذكرت هذه الرواية وعهدي بها بعيد حين أرسل إلي صديق على الواتساب مشاهد من عراك سكان تيفريت مع الدرك الوطني...    
في الشمال تتصاعد المخاوف من التلوث بسبب المواد المصاحبة لاستخراج الذهب، وفي نواذيبو خصوصا ما تزال بعض المصانع تثير قلق المواطنين، وفي البحر لا ندري إن  كان استخراج الغاز سيكون رحيما بالمحميات الطبيعية، والثروة السمكية...
أما تيفريت المسكينة فقد تآزر عليها الربح الغبي، وعدم التخطيط العمراني المحكم حتى أصبحت مكبا للعاصمة منذ أكثر من عقدين من الزمن تقريبا.
 ربما صور المشروع  أولا، كي يجد تاجر غبي ربحه، على أنه مصنع وحدائق غناء ذات أريج منعش للنفوس، ومردود اقتصادي وبيئي لم تشهده البشرية من قبل فتم التنفيذ بسرعة وأخذ كل نافذ حصته من العمولة.
وحين كشف السكان حقيقة المشروع، واتخذوا  حضري الأساليب، فصدرت الأحكام لصالحهم كان المشروع قد أصبح المتنفس الوهمي للعاصمة الذي يجني منه رجال أعمال عوائد مالية، وليس لدى الساسة بديل عنه؛ لأن تصريف النفايات بذاته ليس موضوعا مهما، ولا يدخل في اهتمام النخب، ولا برامجها؛ يكفيه عربات أولئك  الأطفال المحرومين من التمدرس بسبب فقر ذويهم، يعتاشون على جمعه بين المنازل، وإذا تراكم في مكب من مكبات العاصمة يزال إلى تيفريت، تأخذ الطريق إليها نصيبها منه، ويصلها الباقي...
حقيقة آن لنا :
- أن نقنع سكان تيفريت برفع هذا الأذى عنهم، وأن نعاملهم بالحوار بدل الكرباج؛ فصبر القوي أولى، والدفع بالتي هي أحسن آمن، والمظلوم أولى بحسن المعاملة حتى ترفع مظلمته.
- أن يكون حل مشكلة تيفيرت حلا للنفايات في تجمعاتنا الحضرية؛ بما فيها تيفيريت ذاتها، والعاصمة.
-