هذه المشاركة عبارة عن إجابة على استشكالات طرحها بعض الزملاء داخل الندوة وستكون انطلاقا من المبادئ العامة للقانون والأمر القانوني رقم: 83/ 127 المتضمن القانون العقاري والمرسوم رقم: 80/ 2010 المطبق له وسأبدأ بالمبادئ:
يجب أن يأخذها بعين الاعتبار تفسير أيّ نصّ قانوني من هذا النوع والتي منها على سبيل المثال:
1ـ الإرادة العامة للمشرع يجب الأخذ بها ويمكن أن تستشف من الأعمال التحضيرية أو السياقات الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت إلى اعتماد النص المطبق دون غيره وكذل استهداف المصلحة العامة
2ـ عدم تقييد السلطات الإدارية في إطار أداء وظائفها ومنحها من الحرية ما يلزم لقيامها بخدمة الجمهور
3ـ الاحتفاظ للأشخاص بالحقوق التي اكتسبوا ما أمكن ذلك
وقرارات المحكمة العليا الأخيرة في الموضوع خاصة القرارات التالية:
1ـ القرار رقم: 19/ 2012 الصادر عن الغرف المجمعة بتاريخ: 12/ 12/ 2012 الذي جاء فيه أنّ أساليب اقتطاع الإدارة تختلف لكنّها تكون بوثائق رسمية صادرة عن الإدارة و ( لأجل ذلك تظل هذه الوثائق سند حيازة للقطع الممنوحة إلى أن تصدر لأصحابها رخص حيازة أو يصدر عن الإدارة قرار مسبّب بمنعهم منها
لا يمنع إصدار رخصة لأحد الأطراف في المنح المزدوج من إصدارها للطرف الآخر تقدم أو تأخر في التسديد وتأسيسا عليه لا يمكن أن يشكل تاريخ رخصة الحيازة الدليل الوحيد على أسبقية المنح .... )
ـ قرار الغرف المجمعة رقم: 01/ 2013 الصادر بتاريخ: 20/ 02/ 2013 الذي جاء فيه أنّ على المحاكم مراعاة الاختصاص الإداري وتساؤلات من قبيل هل تحويل منطقة من مقاطعة لأخرى يستتبعه بطلان المنح السابق له ؟ وما هو مصير المنح المؤقت إذا حصل من جهة إدارية ولم يطعن فيه ؟
1ـ سؤال عن كيفية التعامل مع القرارات المتعارضة للمحكمة العليا
ـ الجواب: تجب الإشارة إلى أنّ قرارات المحكمة العليا ليست قانونا وبالتالي ليست لها قوة إلزامية فقوتها أدبية فقط كما تجب الإشارة إلى أنّ قرارات الغرف المجمعة تتمتع بقوة تعلوا ما تتمتع به قرارات الغرف العادية بالمحكمة العليا وبالتالي فقرارات الغرف المجمعة تعلوا قرارات الغرف لكن قرارات الغرف المجمعة ليست ملزمة إلا لمحكمة الإحالة ويشار إلى أنّ الغرفة المدنية الثانية بالمحكمة العليا خرقت اجتهاد الغرف المجمعة أكثر من مرّة عبر عدّة قرارات منها القرار رقم: 45/ 2015 الصادر عنها بتاريخ: 11/ 05/ 2015 لأنّه جاء فيه : ( المعتبر هو رخصة الحيازة حال وجودها لأنّها هي التي يتجسد بها المنح الحقيقي للقطع الأرضية أمّا ما سواها من أوراق فليس إلا إجراءات تمهيدية للمنح يمكن الترجيح فيما بينها عند عدم وجود الرخصة ) لذلك فهو يتعارض مع قرار الغرف المجمعة رقم: 19/ 2012 الصادر بتاريخ: 12/ 12/ 2012 المشار إليه أعلاه
2ـ سؤال حول قيمة الوثائق الصادرة عن هيئة التنمية الحضرية
ـ جواب هذا السؤال يتضمنه قرار الغرف المجمعة رقم: 19/ 2012 الصادر بتاريخ: 12/ 12/ 2012 المشار إليه أعلاه الذي جاء فيه أنّ كلّ الوثائق الصادرة للأفراد عن جهات رسمية تصلح سندا للحيازة وكذلك ما وشى به قرارها رقم: 01/ 2013 الصادر بتاريخ: 20/ 02/ 2013 من أنّ المنح حتى الصادر عن جهة غير مختصة يجب اعتباره ما لم يلغ عبر طعن
3ـ سؤال عن سند الملكية المشار إليه في المادة: 443 من ق إ م ت إ
جواب: شروط قبول دعوى الحيازة هي:
• أن تكون الحيازة منذ سنة على الأقل
• أن تكون مادية وهادئة وخالية من أيّ نزاع
• أن ترفع خلال مدة أقلّ من سنة من تاريخ حصول الشغب
أن تكون قائمة على سند ملكية والمقصود بهذا الشرطة هو منع دعوى الحيازة في الأراضي المملوكة للدولة وبالتالي لقبول دعوى الحيازة يجب أن تكون الأرض مملوكة ملكية خصوصية من طرف الحائز أو غيره
4ـ سؤال حول تنفيذ الأحكام
في إطار إجابة أحدهم على هذا السؤال قال إنّ التنفيذ من عمل القضاء غير أنّه تجب الإشارة إلى أنّه منذ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كانت السلطة التنفيذية تتولى تنفيذ أحكام القضاء أو بعضها على الأقل كما أنّ الفقرة الثانية من المادة: 4 من مدونة أخلاقيات الإدارة الصادرة عبر الأمر القانوني 2007/ 025 حاء فيها يجب على الإدارة أن تسهر على تنفيذ أحكام القضاء هذا بالإضافة إلى أنّه من اختصاص الإدارة في بعض الدول إلى يومنا هذا
ـ سؤال يتعلق بالحيازة
تشي قرارات الغرف المجمعة المشار إليها أعلاه خاصة القرار رقم: 19/ 2012 الصادر بتاريخ: 12/ 12/ 2012 بأنّها تعترف بتعدد المنح كما أنّ إعمال المبدإ المتعلق بوجوب المحافظة للأشخاص على حقوقهم التي اكتسبوا تدفع إلى اعتماده لذلك يجب الترجيح بعدة أمور منها:
ـ الحيازة: يتضح من نصّ المادة: 12 من القانون العقاري على أنّ الرخصة الممنوحة لن تصبح نهائية إلا بعد استثمار الأرض وما جاء في المادة: 13 منه من أنّ استصلاح أيّ أرض تابعة للدولة بدون رخصة مسبقة لا يعطي أيّ حقّ ملكية وما جاء في المادة: 106 من المرسوم رقم: 80/ 2010 من أنّه لا تراعى قيمة المصارف التي أنفقت أثناء النزاع الإداري أو القضائي في المحل المتداعى فيه أنّ الاستثمار الشرعي أي المبني على ترخيص مرجح وهذا ما يتضح بشكل جلي بمفهوم المخالفة للنصين الأخيرين هذا بالإضافة إلى أنّ المادة: 464 من ق ا ع ترجح بالحيازة
لذلك كلّه عندما يكون النزاع في قطع أرضية ويكون أحد المتقاضين استثمر والآخر لم يستثمر رجح جانب المستثمر بشرط أن يستند على منح ويكون حصل قبل نشوب النزاع وهذا ما كان يحصل في المحاكم التي عملت بها
ـ إذا كانت الأرض عارية من أيّ استثمار يرجح من كان منحه سابقا في التاريخ تطبيقا للمادة: 465 من ق ا ع
ـ إذا كان أحد المتقاضين عنده رخصة والآخر حائز بالاستثمار والسكن ينبغي التمييز بين عدّة فروض منها:
ـ كون المنطقة منطقة سكنية لها مخططات عمرانية رسمية فهنا يحكم لصاحب الرخصة
ـ إذا كانت المنطقة لا توجد فيها مخططات رسمية يمكن التأكد من خلالها من انطباق الرخصة على محل النزاع حكم برفض دعوى المدعي لعدم التأكد من انطباق رخصته على محلّ التداعي
ـ في المناطق التي لا توجد فيها مخططات عمرانية وعندما ينشب نزاع بين أشخاص لكلّ منهما رخصة ويكون حائزا لمساحة أقلّ من المساحة التي تتضمن الرخصة ويدعي كلّ واحد منهما أنّ الآخر أخذ جزءا من أرضه يحكم لكل منهم بما يحوز وترفض دعواه فيما يحوز خصمه
ـ عندما تكون الرخصة عائمة افترض أنّها تنطبق على ما يحوز صاحبها
في الأخير تم توجيه كثير من النقد للقانون العقاري ومرسوم تطبيقه وأظن أنّ بعضها لم يكن محقّا لأنّ هذا القانون ينحاز إلى تقوية الدولة ويهدف إلى الولوج إلى الملكية العقارية ويشجع الاستثمار واستمراره عبر كثير من الإجراءات يضيق المقام عن عرضها غير أنّ القضاء لم يفهمه بشكل جيّد فحدّ ذلك من مفعول تأثيره الإيجابي الأمر الذي تكون به الندوة على درجة عالية من الأهمية
*القاضي محمدينج محمد محمود/ رئيس محكمة مقاطعة الميناء