زداد معاناة الشعب الموريتاني يوما بعد يوم بفعل ارتفاع الأسعار واتساع دائرة الفقر وتردي الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وانعدام الأمن والتأثير السلبي لحظر التجول المستمر على أنشطة المواطنين وعملهم مع عدم جدوائيته للوقاية من تفشي المرض في ظل تهاون السلطات وتخبطها وتعمدها عدم إلغاء الزيارات والأجتماعات السياسية التي ساهمت في انتشاره.
ولا يمكن إرجاع هذا التهاون والإستهزاء بمعاناة هذا الشعب الا الى حالة الهشاشة والفساد التي تولدت بعد تحالف القوى السياسية المعارضة مع الموالاة على حساب مصالح الشعب. هذا بالإضافة إلى انعدام اي رؤية لدى الحكام للتصدي لهذه التحديات.
لقد اكتفى كل طرف بالذود عن مصالحه الضيقة وتُرك الشعب لوحده. فترى الطرف يظهر امتعاضه وحينما تُحقق له مطالبه الضيقة يلتزم الصمت. وهكذا تشكلت مؤامرة القرن، مؤامرة ابناء شعب ضد شعبه. يعيش الساسة ويموت الشعب. ليس هناك من يدافع عن الشعب وعن مطالبه ولا عن حقوقه ولا عن كرامته وأصبح كل طرف يريد لهذه الحالة ان تستمر لتحقيق المزيد من المصالح الضيقة.
ولتكتمل أركان هذه المؤامرة، أُتخذت كل التدابير والأدوات اللازمة لذلك كتحييد الرأي الآخر والأصوات الرافضة ومضايقة الصحافة وسن القوانين الرجعية وتخويف المواطنين ومتابعة المدونين. وليس سجن الرئيس السابق بعد ان توالت خرجاته وانتقاداته اللاذعة للاوضاع بحكم معرفته الدقيقة للملفات الا جزء من هذه المؤامرة.
وقد صدق الرئيس الحالي ،عن غير قصد، في مقابلته الأخيرة حين كشف عن جزء من هذه المؤامرة وعبر عن عدم رغبته في ان يطالب هذا الشعب بأبسط حقوقه، حقه في العيش الكريم في وطنه الغني.
د. محمد جبريل