تنتهي سنة 2021 بحلوها ومرها، وأحزانها ومآسيها، فقدنا فيها من الأعيان والأفاضل ما يضن الزمان بمثله، وتبلغ مراررة الفقد أوجها في آخر يوم من أيامها بفراق رجل لا كالرجال: إنه القامة الوطنية السامقة المرحوم بأذن الله #سيدي_ولد_الداهي.
ولتعدد مواهبه واتقاد فتوته، لا تدري في أي خانة تصنفه!...
فهو الفتى المجاهد ضد الاحتلال الفرنسي، وهب حياته لذلك ودفع فيه من عصارة شبابه ما دفع، مع رفاق دربه الأخيار فخاضوا جهادهم ونضالهم بزعامة المجاهد الكبير حرمه ولد ببانه، حتى استفادوا من العفو الشامل في منتص ف الساينيات، بعد أن ودعوا من رفاقهم أخيارا، آثروا الاستشهاد في سبيل قضيتهم من أمثال الشهيد أماعْلي ورفيقيه العسكريين عليهم رحمة الله ورضوانه.
وهو الفتى الأديب والشاعر، سحل اسمه بجدارة واستحقاق في سجل عمالقة الشعراء، بما سطر رائعات لَغْنَ الحساني في مختلف أجناسه في التوحيد والفخر والحماسة والنسيب والبكاء على الأطلال، ولكنه كان أقوى وأعظم من أن يمدح أو يرثي ...
وهو الفتى الكريم الجواد، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبدا، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل عرضه، لا يخاف في ذلك لومة لائم ...
كان بيته العامر محطة للشعراء والأدباء وافتاتين العظام من أمثال أهل هدار والشيخ ولد مكي ورفيقيه: المختار ولد الميداح وأحمدو بمب ولد عبد الله الملقب لكويري، الذي يداعبه كثيرا ويمزحه، حتى قال فيه: عالم بالله وبالرسول وأبسيدي ولد الداهي ...
وهو الفتى المثقف والمفكر، ففضلا عن ثقافته التقليدية، كان بفكره الثاقب وعمق وعيه بالواقع المحلي والدولييمتلك قدرة فائقة على التحليل والتشخيص وقراءة الأحداث واستنتاج المآلات، كما ضمن ذلك في كتابه عن العولمة والاستقطاب السياسي والدولي ...
وهو الفتى الاجتماعي والوجيه، عرف بحضوره الاجتماعي المتميز والبارز في حب مجتمعه والذود عنه والبذل في سبيل رفعته وسموه واتصافه بالأخلاق العربية الأصيلة، وجيها أذا وفد، وخطيبا أذا تكلم، ومفحما إذا حاجج ...
وهو الفتى المتواضع البشوش، لا يستنكف عن مجالسة كائن من كان، عظيم إذا خاطب العظماء، وضعيف إذا خاطب الضعفاء، ويؤثر الآخرين على نفسه، فلا يضن بها عليهم في قضاء حوائجهم بكل بشاشة وتواضع.
وهو الفتى ذو العقيدة الراسخة والإيمان العميق بوحدانية المولى عز وجل وهذا سر شجاعته وإقدامه، واستعداده للموت في كل لحظة.
رحم الله الفقيد سيدي ولد الداهي وأسكنه فسيح جنانه،وبارك في ذويه، وألهمهم الصبر والسلوان وإنا لله وأنا إليه راجعون