يشكل اختيار عاصمة الثقافة الإسلامية، تقليدا سنوي مستوحى من البرنامج الذي أطلقته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم !الألكسو) باختيار عاصمة الثقافة العربية.
ومنذ عام 2004 تبنت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (آيسسكو) برنامج عاصمة الثقافة الإسلامية التي تسند سنويا إلى ثلاث مدن إسلامية كل منها في واحدة من المناطق الإسلامية الثلاث (العالم العربي، وأفريقيا، وآسيا).
وتعد العاصمة الثقافية أهم مكون ضمن مساهمات الدول الإسلامية والعربية في تجسيد العلاقات الثقافية بين الدول الأعضاء ، وأهم حدث تحرص الحكومات في العالمين الإسلامي والعربي على تنظيمه خلال العقود الماضية، وترتبت عليه حركة ثقافية نشطة؛ حيث كانت سفارة سنوية للتعريف من جهة بثقافة البلد المضيف، كما شكلت جسرا للتعارف الثقافي المكين بين الدول المشاركة من جهة ثانية.
ومع أن موريتانيا تعتبر بإجماع العالمين العربي والإسلامي، منبعا متدفقا ورافدا كبيرا من منابع وروافد الثقافتين الإسلامية والعربية، إلا أنها لم تتشرف بتنظيم هذه المناسبة التي تتنافس عليها الدول الإسلامية والعربية، حتى يتهيأ للبد التعريف بثقافته تعريفا معاصرا يعضد التعريف التاريخي الذي لا يزال عالقا بالذاكرة الجمعة، وكذلك توفير مناخ ثقافي حيوي للشباب والمثقفين والمفكرين وأهل العلم من نخبته للتعرف على ثقافات الشعوب العربية والإسلامية عن كثب، ونظرا لضرورة الحفاظ على المكانة الثقافية الواسعة للبلد، واستجابة لما تضمنه برنامج رئيس الجمهورية من عناية بالثقافة، نالت نواكشوط أخيرا شرف تنظيم هذه التظاهرة حيث اختيرت لتكون عاصمة الثقافة في العالم الاسلامي لعام 2023 .
إنها فرصة ثمينة لإبراز الوجه الحضاري للبلاد وإشعاعها العلمي الذي طالما عرفت به، فهي أرض المنارة و الرباط كما قيل و كما عرفت بذلك قديما وحديثا.
إن نواكشوط وروافدها من مدن تاريخية، قادرة من خلال البرنامج الذي أعدته السلطات المعنية، على إبراز الموروث الثقافي للبلد إسهاما في التبادل الثقافي و المعرفي.
و تأتي هذه التظاهرة تجسيدا لبرنامج تعهداتي في جانبه الثقافي، وكذلك الاستراتيجية الثقافية للقطاع، وتتوخى أن تستقطب هذه الأنشطة النخبة الثقافية والشبابية، مساهمة في ترقية الاهتمامات، وتهذيب الذوق، وتوجيه الفكر والرأي توجيها صحيحا إلى ما ينفع الناس ويمكث في الأرض ويبني الإنسان السوي النشط بعيدا عن الانشغال بالأمور الجانبية والانجذاب للتطرف والانحراف والسلبية الذهنية.
وتدخل احتفالية “انواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي 2023” ضمن مسار العواصم الثقافية للعالم الإسلامي، الذي دأبت عليه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الأيسيسكو) منذ بعض الوقت، وقد تشرفت نواكشوط بأن وقع عليها الاختيار هذه السنة، وهي فرصة ثمينة للتعريف بالبلد وألقه وعطائه العلمي، كما يرى الولي طه عضو اللجنة العليا لاحتفالية “نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي2023″، الذي أوضح في تصريح صحفي ، أن نواكشوط تعد إحدى عواصم العالم الإسلامي المهمة وتختزن كنوزا ثقافية مهمة من خلال الآثار الموجودة في متحفها، والمخطوطات الثمينة في مكتباتها، ومحاظرها، بالإضافة إلى الحركة الثقافية في جامعاتها ونواديها الأدبية والموسيقية، ومعارضها.
وأوضح أن نواكشوط إضافة إلى ذلك، تمثل عاصمة لبلد عريق الثقافة، غزير العطاء، من خلال محاظره الفريدة من نوعها، والتي آخَت بين البداوة والعلم، في حدث تاريخي واجتماعي فريد، وانتشر علماؤها كسفراء لها حول العالم بموسوعيتهم العلمية، وحفظهم الذي بهروا به أينما حلوا، بالإضافة إلى بصمة موريتانيا في مجالات الثقافة المتعددة، من موسيقى غنية، وصناعة تقليدية مبدعة، وزينة وأزياء. هذا إضافة إلى غنى الثقافة الموريتانية نظرا لتعدد روافدها، وتنوع مجتمعها المتوحد تحت راية الإسلام الجامعة.
وأكد طه أنه ما إن تم إعلان الاختيار، حتى تم تشكيل لجنة عليا متعددة القطاعات، معنية بالإشراف على الاحتفالية، يرأسها وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، ودخلت في سلسلة من الاجتماعات المكثفة أدت إلى تحديد أنماط إحياء هذه التظاهرة على مدى العام، وتحديد المسؤوليات.
وقد قطعت خطوات متقدمة في الموضوع، وسيكون من أبرز الشواهد على ذلك حفل الافتتاح الذي سيرأسه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، بما يتضمنه من عروض وأفلام ومعارض، وندوات وما يستتبعه من أنشطة مكثفة، وهو حفل سيحضره ضيوف من مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى أن هذه التظاهرة تعد فرصة مهمة للتعريف بالبلد من خلال الإطلال به على العالم الذي يوجه أنظاره إليه، وسيكون هذا التعريف متعدد الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية، ولكن أيضا الاقتصادية والاستثمارية، فستعرض موريتانيا أمام المستثمرين فُرَصَ الاستثمار فيها في مختلف القطاعات.