الأخبار (نواكشوط) – عرفت مجريات اليوم الخامس من محاكمة المتهمين في ملف العشرية العديد من الكواليس والتفاصيل التي تجري داخل جدران المحكمة السميكة، في ظل منع إدخال الهواتف أو آلات التصوير والتسجيل بقرار من رئيس المحكمة، ومنع استخدامها بنص القانون.
وتراجعت أعداد المحامين الذي تدخلوا خلال جلستي اليوم، مقارنة مع الأيام السابقة، حيث لم يتجاوز عدد من ترافعوا خلال الجلسة الصباحية سبعة محامين، فيما تقلص العدد خلال الجلسة المسائية إلى أربعة محامين فقط.
وحافظت القاعة على شكلها العام، باستثناء احتكار الأماكن المحاذية للممر الرئيس داخل القاعة في جانب النساء لشرطيات بزيهن الرسمي، فيما لوحظ زيادة أعدادهن خلال جلسة اليوم.
ودخل المتهمون داخل القفص الحديدي في أحاديث جانبية، كان أطولها بين رجل الأعمال الشاب محمد ولد امصبوع، والمدير السابق لشركة "صوملك" محمد سالم ولد أحمد الملقب "المرخي"، وهو الحديث الذي تطور لاحقا إلى مطالعة متزامنة لوثائق في محفظة كانت بحوز ولد أحمد الملقب "المرخي".
ملامح ثابتة وأوامر صارمة
ولاحظ عدد من الإعلاميين المواكبين للجلسات محافظة رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين على ملامح ثابتة طيلة أيام المحكمة، والتي اختتم خامسها مساء اليوم.
فيما وصف أحد الإعلاميين ملامح القاضي بأنها تبدو مترددة بين التجهم والانطلاق، مع جدية غالبة تخفي صرامة ظهرت في نجاحه في السيطرة على حالات الخلاف الكثيرة التي حدثت بين المحامين.
رئيس المحكمة دعا محامي الدفاع الذي "ثاروا" على حديث المحامي فاضيلي ولد الرايس، وحديثه عن وجود جواسيس في صفوف القضاة والمحامين إلى "التحمل" قبل أن يطلب تدخل الأمن لإقامة سد فاصل بينه وبنيهم.
كما تدخل مساء ليطلب من فريق الطرف المدني إعادة وثائق أعطاها خلال الجلسة الصباحية، وهو ما تم.
وعلق رئيس المحكمة على إهداء المحامي محمدن ولد اشدو لأحد كتبه لوكيل الجمهورية بأنه سيصنف هذا التصرف في إطار المجاملات بين الطرفين، وهو أمر محمود.
ملاحظات حمراء
واختار ممثل النيابة العامة أحمد عبد الله المصطفى قلما أحمر لتدوين ملاحظاته خلال مرافعات المحامين، فيما ختم مداخلته الصباحية بفقرة من كتاب لمنسق دفاع الرئيس السابق محمد ولد اشدو قال إنه أهداه له سابقا.
وتتناول الفقرة التي اختارها وكيل الجمهورية ضرورة الفصل بين السلطة والمال وبين الإمارة والتجارة كما قال ابن خلدون كإحدى الآليات المهمة لمحاربة الفساد.
كما رد الوكيل مساء على التخوف الذي أبداه بعض المحامين من تداول معلومات سرية خلال الجلسات قد تهدد أمن البلد، مذكرا بأن القانون لم يتضمن ما يلزم الرؤساء بالحفاظ على أسرار الدولة، لأن هذا بدهي، ولا يتصور أن يقدم رئيس سابق على إفشاء سر للدولة.
وأشار ولد عبد الله إلى أن أيمان بعض الموظفين العاديين تضمنت إلزامهم بحماية السر، في حين خلا يمين الرئيس من ذلك اعتبارا لهذا الأمر.
وقال ولد عبد الله إن الرؤساء السابقين للبلاد تعرضوا للسجن بدءا من الأسبق المختار ولد داداه الذي سجن في ولاته، مرورا بمحمد خونه ولد هيداله الذي سجن عدة سنوات، وقد نشرا مذكراتهم لاحقا، ولم يتطرقا فيها ولا قبلها لأي سر من أسرار الدولة.
كتاب جديد
منسق هيئة دفاع الرئيس السابق محمدن ولد اشدو رد على مداخلة وكيل الجمهورية بالقول إنه التقى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عقب تأليف ذلك الكتاب، واتفق معه على محاربة الفساد بجدية، وتعاهدا على ذلك.
وأضاف ولد اشدو أنه قال مرة لولد عبد العزيز إنه لا يمكن أن يعتقل كل الموريتانيين وأن مشكلة الفساد في البلاد مشكلة عقلية متجذرة.
وشدد منسق دفاع الرئيس السابق على أن الرأي العام الموريتاني يميز بين الحرب على الفساد، والحرب على الحرب على الفساد.
وقدم ولد اشدو في ختام مرافعته نسخة من كتابه "سفارة الأرز" الصادر 2021 هدية لوكيل الجمهورية، وقد استمله الوكيل مباشرة.
ولاحقا قال المحامي السنغالي سيري اكليدور لي - خلال مرافعته - إن لديه ملفات تتعلق بسوابق قضائية دالة في الموضوع، وتقدم بها لتسليمها لوكيل الجمهورية، لكن الوكيل أشار له بيده نحو رئيس المحكمة ليسلمها له.
الـBBC والأخبار
وقد حضرت وسيلتا إعلام خلال مرافعات المحامين اليوم، هما إذاعة الـBBC البريطانية، ووكالة الأخبار المستقلة.
فقد استشهد منسق دفاع الرئيس السابق محمد ولد اشدو في مرافعته بمقابلة نشرتها وكالة الأخبار المستقلة مع مقرر لجنة التحقيق البرلمانية يحي ولد أحمد الوقف، وقال ولد اشدو إن المقرر أكد في هذه المقابلة بالصوت والصورة أن محاكمة الرئيس السابق أو اتهامه ليس من اختصاص اللجنة.
وأردف ولد اشدو قائلا صحيح أن الصحافة الصفراء والذباب الإلكتروني كتبا بعد ذلك زورا أن اللجنة اتهمت الرئيس السابق، رغم نفي مقررها ذلك في مقابلة مع مؤسسة الأخبار.
كما نسب ولد اشدو خلال مرافعته للمحامي لوغورمو عبدول قوله في حديث عبر الـBBC إن ولد عبد العزيز صفى معهم خلال حكمه حسابات سياسية، وإنهم الآن يصفون معه نفس الحسابات السياسية.
وقد رد المحامي لو غورمو عبدول على هذه النقطة خلال الجلسة المسائية، حيث نفى أن يكون قد قال ذلك في حديث مع الـBBC، مؤكدا أن يحترم الرئيس السابق، وليست بين وبينه أي تصفية حسابات لا شخصية ولا سياسية.
وأضاف لو غورمو – الذي اختار المحامي يرب ولد أحمد صالح لترجمة مرافعته – أنه يؤكد أن ما بينه والرئيس السابق هو تصفية قضائية وقانونية فقط.
وتحدث لو غورومو خلال مداخلته عن الاختصاص حول الاختصاص، مذكرا بأن أول من كتب عن القضية هو خبير قانوني ألماني ثم انتشرت في كل الأصقاع، مشددا على أنه في البداية كان يدور حول اختصاص الدولة.
وشدد لو غورمو عبدول على اختصاص المحكمة الجنائية المختصة في محاربة الفساد في الملف المعروض أمامها وفقا للنصوص القانونية داعيا لتجاوز الموضوع.
وخلال مرفعة المحامي فاضيلي ولد الرايس، قال إن إفريقيا مبتلاة بحكام يصلون عبر الدبابات ويحكمونها دون أن يكون مؤهلين لذلك لا علما ولا عقلا ولا أخلاقا، فيما رد ولد الرايس على الهمهمات التي ارتفعت من جوانب القاعة، بالتعليق بأنه يقصد إفريقيا وليس موريتانيا، وبالتزامن مع حديثه بدأ عدد من الجماهير، وخصوصا في جانب النساء في مغادرة القاعة مع التلفظ بألفاظ نابية في حقه.
وقد رفعت المحكمة جلسته الساعة الخامسة ودقائق مع تأجيل الحسم في موضوع الدفوع الشكلية إلى الجلسات اللاحقة، والتي تستأنف الأسبوع القادم.
وتدخل خلال جلستي اليوم الصباحية والمسائية 11 محاميا، هم:
- الشيخ ولد حمدي – دفاع محمد ولد عبد العزيز
- سندريلا مرهج – دفاع محمد ولد عبد العزيز
- الطالب اخيار محمد مولود – دفاع محمد ولد عبد العزيز
- محمدن ولد اشدو - دفاع محمد ولد عبد العزيز
- سيري اكليدور لي – دفاع محمد ولد عبد العزيز
- المختار ولد اعل – دفاع محمد ولد امصبوع
- يعقوب ولد السيف – دفاع محمد ولد الداف
- فاضيلي ولد الرايس – الطرف المدني (الدولة)
- لو غورمو عبدول – الطرف المدني (الدولة)
- محمد محمود ولد محمد صالح – الطرف المدني (الدولة)
- عبد الله ولد اكاه – الطرف المدني (الدولة)