رحم الله المناضل الحقوقي الصوفي ولد الشين وأسكنه فسيح جناته، وأحسن عزاء أسرته وذويه وعزاء الشعب والوطن. رائع جدا ما نشاهده من وحدة وتضامن ولحمة وطنية للتنديد بهذه الجريمة النكراء والمطالبة بالعدالة بشأنها.
بات من الواضح أن البلد بحاجة إلى إصلاح عاجل لجهاز الشرطة والأجهزة الأمنية بشكل عام. وفي هذا المضمار، ينبغي الشروع في برنامج تدخل سريع من 4 نقاط أساسية لانتشال الوضع:
1- إنهاء إفلات الشرطة من العقاب،
إنشاء هيئة مستقلة تتمتع بصلاحية التحقيق والإبلاغ بشكل منهجي عن الجرائم التي ترتكبها الشرطة، بما في ذلك الابتزاز والاحتجاز غير القانوني والفساد والتعذيب. ويجب نشر التقارير المتعلقة بذلك بشكل دوري عبر وسائل الإعلام وبكل اللغات، واتخاذ العقوبات اللازمة في حال التثبت من أي مخالفة أو جريمة. وسيكون من الأهمية بمكان إشراك ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في هذه الهيئة.
2- إعادة بناء الثقة،
يجب على الشرطة أن تستيقظ وتنهض لمعالجة أوجه القصور في أدائها لكسب ثقة السكان وبناء علاقة "جديدة" بينها وبين المواطنين. الشرطة بحاجة إلى الناس والناس بحاجة إلى الشرطة. ومن هنا تنبع ضرورة إذكاء روح "الإنسانية" و"المجتمعية" و"المواطنة" لدى الشرطة، وروح الشفقة على الشرطة لدى الناس. حان الوقت لمراجعة الفلسفة الأمنية برمّتها، ولا سيما فيما يتعلق بإصلاح العلاقة بين المواطن والشرطة.
3- التكوين المهني،
يجب أن يتلقى جميع الضباط والعاملين في أجهزة الدفاع المدني والأمن التدريب اللازم والتكوين على قضايا حماية المواطن وحقوق الإنسان. لا بُد من تعليمهم طرق التوفيق بين حفظ النظام العام من جهة، واحترام حقوق المواطن من جهة أخرى. مرّت حتى الآن 63 سنة على الاستقلال الوطني و32 سنة على محاولة التحول إلى الديموقراطية ودولة القانون، ومع ذلك ما زال التعسف وعنف الشرطة مصدر قلق دائم للمواطنين.
4- إصلاح شامل للشرطة.
لا ينبغي التعميم أكثر من اللازم. هناك العديد من ضباط الشرطة والوكلاء يقومون بعملهم بإخلاص وبشكل صحيح، ولكنهم معرضون للخطأ بسبب عدم التكوين والخبرة، وسوء ظروف الخدمة العامة بدءا بالرواتب المنخفضة، وغياب السكن والمكاتب المتداعية، والمعدات والسيارات البائدة، وانتهاءً بضعف التمويل ونقص العدد والوسائل. ولن يكتمل إصلاح الشرطة إذا لم نتغلب على هذه النواقص.
5- ولكن قبل هذا وذاك، يجب إعطاء الأولوية المطلقة لمنع الإفلات من العقاب في ملف المغفور له بإذن الله الصوفي ولد الشين بعد أن تأكد خبر وفاته بسبب التعذيب. فإن أنظار الشعب الموريتاني كله وأنظار العالم تتجه الآن إلى ما سيحكم به القضاء في حق المجرمين والمتورطين في عملية القتل البشعة هذه.
والله ولي التوفيق