فخامة الرئيس، هذا ما كنا نخشاه
كنت وجهت لكم عدة رسائل ناصحة ورشيدة، وأعلم يقينا أنكم أدرى بالنصح والإرشاد، لكن ذلك حقكم علي وواجبي تجاه نفسي، ولا أدري هل وصلتكم أم لا، أقرأتموها أم تجاهلتموها، الشيء الذي أدركه وأعيه، أن تربيتكم الدينية والأخلاقية، تحتفظ لكم بمنافذ مشروعة من الوعظ والإرشاد، تدركون بها من ينصحكم لوجه الله وحب الوطن، ومن يتربص بكم الدوائر، إشباعا لرغباته وإرضاء لنزواته.
رسالتي الآن، رسالةُ عتاب وتحذير لفخامتكم الموقرة
ودواعي عتابي وتحذيري بادية بسبب ما نموج فيه الآن من ملامح الانهيار البنيوي على أكثر من صعيد، وأخطره إرهاصات تفكيك النسيج الاجتماعي بفعل نزوات المغفلين الذين مكنتهم مقاعد النفوذ من تسخير وسائل الدولة لذلك.
أنا لا أخاف حربا أهلية ولا فتنة اجتماعية، لأن هذا الشعب العظيم يدرك بوعي مصالحه المشتركة، واتساع الوطن له، والعاقبة الوخيمة لذلك، مهما كثر الانتهازيون ومهما لعبوا على الأوتار المريضة من قبلية وجهوية، وفئوية وشرائحية، أدرك ذلك كما يدركه الخيرون من أبناء الوطن، ولا أتوجس منه خيفة، لكن ما أخافه، هو ذلك الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي ينفجر بفعل المفسدين المفسدين والعاجزين، انفجارا يخرج عن سيطرة المصلحين والخيرين، ويغدو فيه الوطن ضحية بنيران صديقة، متألمة وجريحة ...
عتابي عليكم - فخامة الرئيس - على أخذكم واعتمادكم على بلاط سوء، أودى بنا إلى ما نحن فيه وما نعانيه، من إثارة النعرات القبيلة والجهوية والفئوية والشرائحية، بلاط داس القيم والأخلاق، ونهب المال وشرع الفساد والنفاق، وأفشل المشاريع، وأوقف عجلة البناء والنماء، وسخر الدولة ومؤسساتها لنزواته ورغباته، يشيع من خلالها إنهيار الأخلاق وأندثار القيم، ويسخرها لتصفية الحسابات الشخصية وممارسة الانتقام، ويعتمدها لتكميم الأفواه وتشييذ السجون، وتسخير العدالة لإشاعة الظلم والجور ومحاربة الحق وإعلان الباطل، وحماية لوبيات الفساد والغدر، والإحباط والخيانة ...
أنا - سيدي الرئيس - أخذر من هذا البلاط السيء، الذي يعمل جاهدا، للإيقاع بكم في عبث وحله وخبثه، فرغم طيبوبة محتمعنا، إلا أنه مجتمع بدوي ، حديث المدنية والنشأة، نقل الأسلوب البدوي للمدينة ومارسه في وحدة اجتماعية هشة ومتباينة، مما يخلق تحديات جسيمة لقادة الرأي والإعلام والنخب المثقفة.
ولا مناص من نصيحة، والدين النصيحة كما هو ماعلوم، فإن كنتم ترغبون، وذلك ظننا، في السلم والسلام، والأمن والأمان، فبادروا قبل فوات الأوان وتلافوا ما يمكن تلافيه، وأول خطوة نحوة الإصلاح الجاد، هي إزالة بلاط السوء، والتوجه نحو هموم المواطن الحقيقية، من معاش ونقل وتعليم وصحة وأمن، وإخراج البلاد من الاختناق والاحتقان السياسي والاجتماعي، وغير هذه المسالك، فإن حتمية رجوعنا للمجتماعات البدائية واردة، فإن لم يكن كذلك، فالاستقالة أنجى لكم ولوطنكم، وإلا فنحن أمام مؤامرة حقيقية قد تصنف في خانة الخيانة العظمى لا قدر الله ...
اللهم هل بلغت؟... اللهم فاشهد وعلى الله التكلان.