دونت المحامية اللبنانية سندريللامرهج على صفحتها في الفيس بوك فقالت : سارعت مؤخراً بعض الصحف إلى نشر الرأي الذي، وأثناء المحاكمة أبدته النيابة العامة ممثلة بحضرة وكيل الجمهورية حول ما اعتبرته سموّ اتفاقية مكافحة الفساد على الدستور والقوانين الداخلية واسناد التعليل على المادة ٨٠ من الدستور و ٧٩ منه وذلك في اطار ما باتَ معلوماً أنّ هيئة دفاع رئيس جمهورية موريتانيا السابق محمدولد_عبدالعزيز تقدّمت أمام المجلس الدستوري بمراجعة دفع تناولت عدم دستورية قانون الفساد في المادتين ١٦ و ٤٧ و ٢٧٨ اصول اجرائية، ما يجعل الإجراء وبحسب الناشرين سراباً ووهماً.
إنّ ما ورد في هذا السياق يفتقد للدقّة القانونية ويبتعد كلّ البعد عن قواعد القانون الدولي الثابتة ولا يعدو كونه تفسيراً قانونياً ضيّقاً، وهذا ربّما حقّ للادعاء العام وأسلوب النيابة العامة في الاقناع بمدى صوابية إجراءاتها.
حقّ الردّ للدفاع محفوظ وحقّ المجلس الدستوري في الحكم العادل مصان، ولِمن يصف خطوة الدفاع بالسراب، ودرءاً من ذرّ الرماد في العيون ، ولرؤية أوضح وأشمل ، أوضح الآتي:
أوّلا: إنّ القانون الدولي العام هو مَن يعلو على القانون الداخلي وليس المعاهدات والاتفاقيات فرادة.
يتألف القانون الدولي العام من مجموعة اعراف واجتهادات ومعاهدات واتفاقيات تطبّق على ارض دولة ما وقّعت وصادقت عليها، وبالتساوي فيما بينها وليس بالتفاضل. ولأنّ التناقض بين التشريعات الدولية حتمي، فالإسناذ عليها أمام المحاكم الوطنية يلزم القاضي المواءمة بينها وبين التشريعات الداخلية بحيث يحفظ للتعاهد الدولي مكانته ولسيادة التشريعات الوطنية قوتها.
ثانياً: إنّ الاتفاقيات الثنائية لا تسمو على القوانين الداخلية الا بشروط المعاملة بالمثل كما نصّت المادة ٨٠ على ما حرفيته :
“للمعاهدات او الاتفاقيات المصدقة او الموافق عليها كذلك سلطة أعلى من سلطة القوانين وذلك فور نشرها شريطة ان يطبق الطرف الثاني المعاهدة او الاتفاقية “.
الشرط لا يمكن ان يتوافر في الاتفاقيات المتعددة الاطراف كاتفاقية مكافحة الفساد، فتبقى مقيّدة التنفيذ بالتشريعات الداخلية.
ثالثاً: ان اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد اشترطت الملاحقة والحكم والجزاءات والوصف الجرمي تبعاً للدساتير والتشريعات الوطنية في المادة ٣٠ منها
ونصت في الفقرة الثانية على ما يلي :
“تتخذ كل دولة طرف، وفقاً لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية، ما قد يلزم من تدابير لارساء او ابقاء توازن مناسب بين اي حصانات او امتيازات قضائية ممنوحة لموظفيها العموميين ..الخ”
يتبين مما لا مجال للشك فيه ان الاتفاقية تعترف صراحة وضمناً بسمو الدساتير والتشريعات الوطنية عليها.
رابعاً: إنّ الأبحاث الفقهية الحديثة حسمت النقاش في عدم سمو اي معاهدة على الدستور الوطني. الدولة السيادية يحكمها دستورها وما من مرجع دولي يلعب دور “الحكومة العالمية “
خامساً: في فرنسا، قضى الاجتهاد بأن المعاهــــدات الدوليــة لا ترقـــى إلـــــــى مرتبة النصوص الدستورية (CE.,Ass,30 octobre 1998,Sarran)، وما يؤكد أيضاً أسبقية الدستور أن المادة 54 من الدستور الفرنسي تكرّس مبدأ الرقابة المُسبقة على الاتفاقيات الدولية إذا كانت مطابقة للدستور قبل الشروع بالتصديق عليها، وهذا يعتبر بمثابة تأكيد ضمني لأسبقية الدستور على الالتزامات الدولية (Cons. const., 22 janv. 1999, déc. n° 408 DC )، بموجب هذا القرار أجبرت الدولة الفرنسية على تعديل دستورها لكي تستطيع أن تصادق على نظام المحكمة الجنائية الدولية.
في موريتانيا نصّ المادة ٧٩ من الدستور منح الرقابة عينها.
نخلص مما تقدّم، أنّه في هرم المنتظم القانوني الداخلي، يتربّع #الدستور في سموّ المرتبة الأعلى، والفرق شاسع بين “القوانين ” و “الدستور”
أمّا اذا ارتأينا العودة الى التفسير الضيّق ، فالمادة ٨٠ من الدستور الموريتاني لم تذكر سوى “القوانين “.
الدفاع يا اخوتي واخواتي لا يعيش سراباً ولا وهماً، يعيش مع موكله حرباً لا تكافؤ أسلحة فيها، وسلاحنا الأقوى.
المحامية سندريللا مرهج ٣/٢/٢٠٢٣