ألم أقل لكم إن هذا الملف عمل غير صالح! ولاعلاقة له بمحاربة الفساد، ولا بالقانون والعدل، وقد ولد ميتا؟!
والآن حصحص الحق! إنهم يحاكمون الرئيس محمد ولد عبد العزيز على منجزاته الوطنية! ويتجلى ذلك فيما يلي:
إنهم يستجوبونه الآن - رغم أنف الدستور- حول التهمة الأولى من التهم العشر الموجهة إليه، وهي: "تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية". وقد جاؤوا بشهود من مختلف الأحجام والأوساط.. لكنهم لم يشهدوا بشيء. ومع ذلك فقد دعوا واستمع لهم ونوقشوا دون جدوى، لحد جعل المحكمة تصرح في شأنهم بأنهم ليسوا شهود إثبات ولا نفي!
والخلاصة التي يمكن استنتاجها من الوقائع المثارة التي تجسدت فيها هذه التهمة هي أنها من جزأين:
الجزء الأول: تبديد ممتلكات الدولة العقارية. وتجسد حسب المحكمة في قضيتين أساسيتين:
القضية الأولى: بيع أربع مدارس لم تعد صالحة للدراسة، وشريطا من مدرسة الشرطة وشريطا من الملعب الأولمبي وبلوكات. وهو أمر يغير واجهة المدينة ويسهم في تطويرها وإحيائها، وتصرف مالك في ملكه ترجع السلطة التقديرية فيه للحكومة. ومساحة الجميع 3 هكتارات ونصف. وقد بيعت:
- بقرار من مجلس الوزراء.
- عن طريق المزاد العلني.
- دفع الثمن في الخزينة العامة وقدره عشرة ملايير ومائة وثمانون مليون أوقية؛ أنشئ منها برنامج يدعى Pac شيدت فيه 75 مؤسسة تعليمية منها 45 مدرسة ابتدائية كاملة من النمط الجديد، ومنها 17 إعدادية و9 ثانويات امتياز، وثانويتان نموذجيتان، إحداهما بكيهيدي والأخرى بالشامي، ومنها مدرستان لتكوين المعلمين. أنجز هذا بسبعة مليارات وستمائة وانتهى كله. (هل تعلمون ما كان يمنح من الأرض قبل 2009؟ منحت ثلاثون (30) ألف هكتار! ثلاثون (30) ألف هكتار منحت في سنتين، دون أن تنال منها أوقية واحدة).
القضية الثانية: صفقة بناء مطار أم التونسي التي قايضت فيها الدولة مقاولا وطنيا منحته أرض المطار القديم وجزءا من أرض تفرغ زينه التي كانت نهبا لفئة من الناس، مقابل بناء مطار دولي بمعايير دولية محددة عالية الجودة. وقد أنجز المقاول الوطني ما وعد، وفي الوقت المحدد وبالمعايير المحددة، وقبيل القمتين العربية والإفريقية المقررتين في انواكشوط!
فهذا هو الفساد الأول بعينه الذي سأل عنه الرئيسَ عزيز قضاتُه!
الجزء الثاني: تبديد ممتلكات الدولة النقدية. وتجسد في ثلاث صور:
الصورة الأولى: عثور الدولة على ممول هندي مول خط الجهد العالي انواكشوط - انواذيبو بتكلفة أقل بخمسة وثلاثين (35) مليون دولار مما كان ممولا به من طرف دولة خليجية تراجعت عن تمويله بسبب صراعات السماسرة والوسطاء الموريتانيين الجشعين!
وهذا هو الفساد الثاني بعينه الذي سأل عنه الرئيسَ عزيز قضاتُه!
الصورة الثانية: شراء الدولة - عن طريق خيرية سنيم- أعلافا للمنمين في إطار برنامج اجتماعي. وقد "تكبدت الدولة خسارة مالية" في هذه الصفقة تناهز النصف! ومن بين ردود الرئيس على هذه الواقعة قوله: من يتحدث عن صفقة كهذه ويعتبرها تبديدا لممتلكات الدولة النقدية، لا يفهم شيئا عن الموضوع! فبرامج الدولة الاجتماعية للمنمين لا تستهدف الربح، بل المساعدة. وأعطى مثالا على ذلك القمح الذي تشتريه الدولة بثمن عال وتبيعه للمنمين بأقل من نصف ذلك الثمن!
وهذا هو الفساد الثالث بعينه الذي سأل عنه الرئيسَ عزيز قضاتُه!
الصورة الثالثة: قرض شركة سنيم خمسة عشر مليار أوقية باقتراح من الدولة لشركة النجاح التي تولت إنجاز مطار أم التونسي بغية تجاوز صعوبات مالية عانتها حتى تتمكن من إكمال المطار. وكان قرضا بفائدة، وبضمانات عقارية كافية، وصادق على طلبه مجلس الوزراء وعلى منحه مجلس إدارة سنيم! ورغم أن هذا القرض وصفقة المطار كانا من أسباب متابعة مالك شركة النجاح ظلما وعدوانا. فقد قررت المحكمة تبرئة الرجل واعتبرت - بناء على صلح متعلق بآلية تسديد مستحقات سنيم مبرم بينها وبين رجل الأعمال المذكور- أن وقائع الملف مدنية ومنزوعة الدسم الجنائي! ومع ذلك، فلا تزال المحكمة الجنائية تدرجها في ملفها، وتعتبرها واقعة من وقائع تبديد ممتلكات الدولية النقدية. والفساد الرابع بعينه الذي سألت عنه الرئيس عزيز!
فهل كانوا سيحاكمونه لو لم ينجز شيئا، كما فعل أسلافه وأخلافه؟